"الحياة انعدمت بالكامل، والنازحون يهيمون على وجوههم لا يعرفون إلى أين يذهبون فلا مكان آمن في قطاع غزة"، هكذا وصف النازح الغزّاوي مروان المصري، الأوضاع في رفح جنوب قطاع غزة، منذ اجتياح دبابات الاحتلال الإسرائيلي، شرق المدينة، مؤكدًا بأنهم يشعرون بالخوف من أي تقدم في الاجتياح كما حدث في المناطق الشرقية التي هي الآن خالية من المواطنين تمامًا.
بينما تقول ابتهال العروقي (39 عامًا) التي نزحت من مخيم البريج في وسط غزة إلى رفح وخضعت لعملية ولادة قيصرية قبل أسبوعين فقط، وجدت نفسها مشرّدة مرّة أخرى، لقد خرجنا من تحت ركام منزلنا في البريج والآن من شدة القصف في رفح نحن في الشارع أنا وأطفالي لا نعلم أين نذهب لا يوجد مكان آمن.
وبينما بقي غرب رفح أهدأ نسبيًا من شرق المدينة الذي يشهد قصفًا مكثفًا، إلا أنه تعرّض للقصف أيضاً، الذي ملأ الجو بالغبار والدخان، ما أدى إلى صعوبات في التنفّس.
وتعد رفح، آخر ملاذ للنازحين في القطاع المحاصر، فمنذ بداية العملية البرية التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة في الـ27 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يُطلب من المواطنين التوجه من شمال القطاع ووسطه إلى الجنوب، بادعاء أنها "مناطق آمنة"، واليوم، تتسع رفح على ضيق مساحتها المقدرة بنحو 65 كيلومترًا مربعًا، لأكثر من 1.5 مليون فلسطيني، يواجهون ظروفا مزرية داخل آلاف الخيام المنتشرة في جميع أنحاء المدينة، في وقت تتحرّك آلايات الاحتلال جنوبًا آتية من الشمال الساحلي، حيث نزح الآلاف إلى رفح مرّات عدة على مدى عدوان الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، وهم يعودون حاليًا إلى الشمال بعدما طلبت قوات الاحتلال منهم إخلاء الجزء الشرقي من المدينة.
وتحدّث محمد أبو مغيصيب الذي نزح هو أيضًا من مدينة غزة عن أشخاص يحملون أمتعتهم وفرشًا وبطانيات وأدوات مطبخية على متن شاحنات للنزوح من شرق رفح، مضيفًا بأن مستشفى النجار كان "مغلقًا وأجلي الفريق الطبي لتجنّب ما حصل في الشفاء أو الناصر"، في إشارة إلى مجمعين طبيين في غزة اقتحمتهما قوات الاحتلال خلال العدوان، وبين القصف الإسرائيلي من الشرق والحدود المصرية جنوبًا والبحر الأبيض المتوسط غربًا، نزح الكثير من المواطنين من رفح نحو الشمال، وتوجّه هؤلاء نحو مدينة خان يونس القريبة ودير البلح في وسط غزة حيث ملأت آلاف الخيام المنطقة الساحلية، وكان أحمد فاضل (22 عامًا) من بين كثر عادوا إلى شمال غزة حيث نزح في وقت سابق خلال العدوان، من مدينة غزة بداية من مخيم النصيرات للاجئين في وسط غزة قبل أن يُطلب منه المغادرة عندما اجتاحت قوات الاحتلال مخيم البريج القريب، ولقد غادر وانتقل إلى رفح لكنهم قصفوا وهددوا المدينة، لذلك جاء إلى دير البلح المكتظة بالفعل.
وقال التاجر عبد المجيد الكرد: "دير البلح مدينة صغيرة، إنها بلدة صغيرة للغاية باتت الآن مكتظة كثيرًا، لا مكان ولا منشآت تكفي لإيواء هذا العدد".
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، احتلت صباح أمس الثلاثاء، الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، وأوقفت تدفق المساعدات إلى القطاع، وبسيطرتها على معبر رفح، تكون قوات الاحتلال قد أغلقت المنفذ البري الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات ويخرج منه جرحى ومرضى لتلقي العلاج خارج القطاع، ما ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية، لاسيما أن مخزونات الغذاء والوقود في غزة.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه برا وبحرا وجوا على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن استشهاد 34904 مواطنين، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 78514 آخرين، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها