في الوقت الذي وقعت أسر مئات الضباط والجنود في جيش الاحتلال رسالة تطالب بعدم اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة، ذكرت قناة "كان" التابعة لسلطة البث الإسرائيلية أن خلافات عميقة نشبت بين أعضاء مجلس الحرب والمجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية في حكومة الاحتلال "الكابينت" بشأن عملية الاجتياح.
وفي تقرير بثته الليلة الماضية، اشارت القناة إلى أن الخلافات بين وزراء حكومة بنيامين نتنياهو تتعلق بتوقيت العملية، ظروفها وحجمها، مشيرة إلى أن الوزيرين بني غانتس وغادي إيزنكوت، العضوين في مجلس الحرب، ووزراء آخرين يرون أنه يتوجب اجتياح رفح فقط بعد الحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة والتنسيق الكامل مع واشنطن وبعد استنفاد فرص التوصل إلى صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية.
وحسب القناة، فإن كلاً من غانتس وإيزنكوت حذرا من المخاطر الاستراتيجية لشن عملية في رفح في حال نفذت من دون التنسيق مع الأميركيين، لافتة إلى أن هناك مؤشرات على وجود خلافات داخل مجلس الحرب والمجلس الوزاري المصغر حول حجم عملية اجتياح رفح وطابع المنطقة الجغرافية التي تستهدفها.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي يطالب نتنياهو بشن عملية كبيرة وواسعة داخل مدينة رفح، فإن وزير الأمن يوآف غالانت يتحدث عن عملية في "منطقة رفح"، ما يعني أن غالانت يرى أن العملية يجب أن تستهدف المناطق المحيطة بالمدينة.
من ناحيته، قال القائد السابق للقوات البرية في جيش الاحتلال الجنرال غاي تسور: إن "عملية اجتياح رفح ستنتهي إلى فشل ذريع ولن تسهم في تحقيق أي من أهداف الحرب". وخلال مشاركته في برنامج حواري بثته قناة "كان" الليلة الماضية، اتهم تسور رئيس الوزراء الإسرائيليي بنيامين نتنياهو بتضليل الجمهور من خلال زعمه بأن عملية عسكرية في رفح ستفضي إلى تحقيق انتصار "مطلق" على الفصائل الفلسطينية وستساعد على تحرير الأسرى الإسرائيليين.
وخلال مشاركتها في نفس البرنامج، لفتت المعلقة العسكرية للقناة كرميلا منشه، إلى أن سير الحرب على غزة دلل بشكل لا يقبل التأويل على أن الضغط العسكري على الفصائل الفلسطينية لا يسهم في تحسين فرص تحرير الأسرى الإسرائيليين، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال تمكن من تحرير ثلاثة أسرى فقط في عمليات عسكرية.
أما الجنرال إسحاق بريك، الذي سبق أن قاد فرقة عسكرية وعمل مفتشًا داخل الجيش، فقد حذر من أن نتنياهو "يرسل الجنود إلى رفح لكي يلقوا حتفهم". وفي مقال نشره على موقع صحيفة "هارتس" أمس الجمعة، أوضح بريك أن هدف نتنياهو من التهديد بشن عملية واسعة في رفح هو القضاء على فرص التوصل إلى صفقة تبادل مع العدو تفضي إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين.
وشدد بريك على أن نتنياهو يبدي حماسه لعملية اجتياح رفح "فقط لدواعي سياسية شخصية"، على اعتبار أنه يخشى من أن يفضي التوصل إلى صفقة تبادل إلى تفكك حكومته بسبب معارضة كل من وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش لها. وسخر بريك من الخفة التي يتعاطى بها نتنياهو مع عملية عسكرية في رفح، محذرًا من أن مقاتلي الفصائل الفلسطينية في المدينة ومحيطها مستعدون لها.
في السياق، وقعت عائلات "600" ضابط وجندي يخدمون في قوات جيش الاحتلال النظامية على رسالة تطالب كلا من وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، بعدم شن عملية في رفح بسبب "مخاطرها" على أبنائهم. وحسب موقع "واللاه"، فقد أبرزت عائلات الجنود أنها تعارض تهديد حياة أبنائها لمجرد تحقيق أهداف نتنياهو السياسية على الصعيد الشخصي.
وجاء في الرسالة: "لن يكون بوسعنا الوقوف مكتوفي الأيدي عندما يُرسل أبناؤنا إلى مهام مستحيلة هدفها الوحيد تحقيق أهداف سياسية، الدخول إلى رفح يمثل مصيدة موت". كما هاجمت عائلات الجنود المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حيث شددت على أنها لا تثق بهذه المؤسسة لأنها لا تضع مسألة الحفاظ على حياة الجنود ضمن أولوياتها، مطالبة بأن تعمل الحكومة على إعادة الأسرى الإسرائيليين عبر صفقة من منطلق أن اجتياح رفح لن يسهم في تحقيق هذا الهدف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها