بقلم: سامي أبو سالم
أينما تولِ وجهك تجد ملصقات صور لأشخاص مفقودين، شبان وكبار سن وفتية، وأسفل كل صورة تجد رقم هاتف للإبلاغ عن وجوده في حال مصادفته في أي مكان.
وتنتشر صور المفقودين في المستشفيات، وقرب ثلاجات الموتى، أو قرب مخابز، أو على الشاحنات والحافلات وفي كل مكان متوقع أن يشهد ازدحامًا، على مدخل مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وسط قطاع غزة، أُلصقت صورة المواطن الستيني "المفقود" محمد صالح أبو عمشة، وأرقام هواتف للإبلاغ عنه حين العثور عليه.
في اتصال هاتفي بالرقم أسفل الصورة قال نجله "فادي": إن والده أسير سابق من سكان بيت حانون، شمال القطاع، يعاني الزهايمر ونزح أكثر من مرة مع العائلة قبل أن تعتقله قوات الاحتلال، وقد أفرجت بعدها عن والده في منطقة أنصار غرب غزة وكانت وقتها تحت قصف جوي واجتياح بري ولم يعرفوا حتى الآن أين هو ولا مصيره".
وفي مدينة رفح ألصق السائق "أبو حسام" محيسن على مركبته صورة للفتى "يوسف رمزي محيسن" وهو مريض يعاني من التوحد وقد اختفت آثاره منذ 22 ديسمبر 2023.
وقال "أبو حسام": إن يوسف هرب مع أهله من القصف على حي الشجاعية بمدينة غزة إلى مخيم المغازي وسط القطاع وعاش معهم في خيمة، وكان كل يوم يهرب من الخيمة ويقول إنه يريد العودة لبيتهم بمدينة غزة فيلحقوا به ويعيدوه للخيمة، وعندما اشتد القصف على مخيم المغازي قررت العائلة الهروب لكنهم لم يجدوا يوسف، وقد بحثوا عنه في كل شارع في المغازي دون جدوى، هربنا إلى دير البلح وبقي مفقودًا ولا نعرف هل هو حي أم غير ذلك.
وبشكل شبه يومي، يجوب رجال ونساء أروقة المستشفيات غي قطاع غزة يفتشون في ثلاجات الموتى أو في أسرّة المصابين عن مفقودين لهم.
ودشن نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صفحات للإبلاغ عن أشخاص مفقودين، أطفال ويافعين وبالغين، مع نشر صورهم ورقم هاتف للتواصل، أو لشهداء مجهولي الهوية ليتعرف ذووهم عليهم. منها مجموعة "مفقودين وشهداء مجهولين" على منصة فيسبوك، ومجموعة "مناشدات ومفقودين غزة" على منصة "تلغرام" التي لم يكن آخرها الابلاغ عن عبد المؤمن عجور، الذي غادر غزة نحو الجنوب في الخامس من مارس الماضي واختفت آثاره، والشاب خضر قنونة الذي كان متواجدًا أواخر فبراير الماضي في شارع 2 في خان يونس جنوب القطاع، ولم يتضح بعد ما إذا كان أي من المفقودين قد تم العثور عليه ضمن القبور الجماعية التي دفنت فيها قوات الاحتلال مئات المواطنين في مناطق مختلفة من قطاع غزة، لا سيما في مستشفيي الشفاء بغزة قبل شهر وناصر بخان يونس الأسبوع الجاري.
وكانت طواقم الدفاع المدني قد انتشلت، في احصائية غير نهائية، زهاء 400 شهيد من القبور الجماعية في خان يونس، غالبيتهم الساحقة من مجمع ناصر الطبي الأسبوع الماضي.
وقال لؤي الغول: إن حسام توجه لمنطقة مستشفى الشفاء بتاريخ 17 مارس، يبحث عن طحينًا لأولاده الخمسة، لكنه لم يعد لأولاده، وقد نشرة مناشدة على منصات التواصل الاجتماعي، على من يجده الاتصال بي.
وقال أسد مصبح، خال ضياء أبو عصر الذي فقد منهم لأكثر من عشرين يومًا: إن الفتى أبكم وفقده أهله عند منطقة الصناعة بمدينة غزة "شارع جمال عبد الناصر" عندما هربوا وتوجهوا نحو جنوب القطاع إلى أن عثر عليه في أحد شوارع رفح جائعًا ويرتجف من البرد.
وكان مواطنون قد أعلنوا عن بعض أقاربهم الذين فقدوا وتبين بعد ذلك أنهم استشهدوا في قصف للاحتلال أو قنصًا، وتم العثور على جثامينهم في الشوارع أو في مقابر جماعية كما حصل في مشفى الشفاء بغزة وناصر بخان يونس.
ولا يقتصر الغياب على النازحين إلى رفح، فمنذ حوالي خمسة أشهر تبحث عائلة رائد صالح (42 عامًا)، وهم من رفح، عن ابنهم في المدينة ونشروا صوره وأرقام هواتف في مختلف أرجاء المدينة دون جدوى، وبحثوا عنه في رفح وخان يونس وقد خاطروا بأنفسهم وبحثوا عنه وسط غزة ولم يجدوه.
وفي الخامس من يناير هذا العام أطلقت وزارة الصحة رابطًا على الشبكة العنكبوتية للإبلاغ عن المفقودين، مشيرة إلى أن عدد من تم الابلاغ عنهم عبر الرابط بلغ 3160 مواطنًا.
ويأمل ذوو المفقودين أن يكون أبناؤهم على قيد الحياة.
وقال فادي أبو عمشة: "مفقود كلمة مخيفة لأن لها عدة احتمالات أبرزها الموت أو الاعتقال".
وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا جراء العدوان الاسرائيلي في قطاع غزة أكثر من (34.454) ألف شهيد، بينهم 72٪ من الأطفال والنساء وكبار السن، وبلغ عدد الجرحى نحو (77.575) ألف جريح، وفقًا لوزارة الصحة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها