بقلم: بدوية السامري
"لن تلحظ أي زينة كما كل عام، لا فوانيس معلقة، ولا أغاني مبهجة، ولا حركة شرائية، ولا أجواء معتادة تستقبل الشهر الفضيل في أسواق نابلس، فرمضان هذا العام مختلف تمامًا، هو ليس كأي سنة مضت"، هذا ما قاله المواطن عبد اللطيف الخراز من مدينة نابلس، الذي يعمل على "بسطة" داخل البلدة القديمة من المدينة منذ سنوات.
وتابع: "كان شهر رمضان يأتي جميلاً ومميزًا، ما عدا هذا العام، بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، حتى شهر شعبان كان مختلفًا تمامًا عن كل عام".
ويوضح الخراز، "ليست هذه حركة البلدة القديمة، قبل رمضان بيوم واحد في السنوات السابقة، كانت تعج بالمرتادين والمواطنين، وتأخذ وقتًا طويلاً حتى تمشي بضع خطوات، لكنها اليوم على غير عادتها".
ويحمل المواطنون في الأسواق حاجتهم الضرورية فقط، وهذا ما أكدته أم مصطفى أبو حطب التي اشترت ما يلزمها فقط لمائدة الإفطار، وتقول: "بالتأكيد سيكون ذلك بالحد الأدنى شعورًا مع أهالي غزة الذين لا يجدون قطعة من الخبز يأكلونها، وباتت كل أيامهم صيامًا، وبالتأكيد لا زينة داخل المنازل، ولا تصوير للمأكولات، ولا أجواء كنا قد اعتدنا عليها سنويًا".
ويبحث المواطنون داخل الأسواق على العروضات، ومن يبيع بأقل الأسعار، وتجدهم يتجمهرون على المشتريات الأقل ثمنًا، للاقتصار على حاجاتهم الضرورية، وتوفير ما لديهم لشراء أمور أخرى.
ويصف التاجر علاء سعد الدين صاحب لأحد المحال التجارية للمواد التموينية في شارع حطين في المدينة، الوضع العام بالصعب، ويقول "الأمور جميعها صعبة، وصعبة جدًا"، في العادة كنا نلحظ حركة نشطة للأسواق قبل حلول شهر رمضان بشهر كامل، لكن هذا العام بدأ المواطنون بشراء ما يلزمهم فقط خلال اليومين الماضيين، ولشراء الحاجيات الأساسية فقط، وبالطبع هي ليست كأي عام سابق".
وحسب أكثر من مواطن داخل الأسواق سواء من التجار أو المشترين، فلا يمكن مقارنة التحضيرات لشهر رمضان بباقي السنوات أبدا، لأسباب كثيرة أهمها الحرب على غزة، والوضع الاقتصادي العام الذي يعاني منه المواطنون، والحصار المفروض على المدينة منذ أشهر عدة، جميعها ساهمت بحالة الانكماش داخل الأسواق.
ويقول الناطق الاعلامي باسم غرفة تجارة وصناعة نابلس، ياسين دويكات: إنه من المفترض أن يكون شهر رمضان أفضل شهر في العام للتجار، من حيث المبيعات والأرباح في نابلس تحديدًا، خاصة داخل بلدتها القديمة التي تعتبر من الأجمل في شهر رمضان، لأنها تحتوي الكثير من المأكولات، والحلويات الخاصة بالشهر الفضيل.
ويضيف: لكن في هذا العام كل شيئ تغير ومختلف عن الأعوام السابقة، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة جدًا، لم يسبق لها مثيل منذ سنوات، إضافة للعدوان المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 5 شهور، والحواجز المحيطة في محافظة نابلس، حيث تحاط بـ 31 حاجزًا، إضافة إلى 14 بوابة حديدية أقيمت على مداخل القرى في المحافظة، وجميعها شلت الحركة بشكل شبه كامل على المدينة، وأعاقت الحركة، وبالتالي أثرت على اقتصادها.
وتابع دويكات: إضافة إلى أن جميع الذين كانوا يعملون داخل أراضي الـ48 عاطلون عن العمل في الوقت الحالي، واحتجاز أموال الضرائب من قبل الاحتلال، وعدم مقدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين بشكل كامل لأشهر عدة، وعدم مقدرة المواطنين شراء كل ما يلزمهم، واقتصار ما يشترونه على الضروري جدًا، إضافة إلى أن نابلس ومنذ شهر تشرين أول 2022 تعاني الحصار، وسبقتها تداعيات فيروس كورونا، ما اظطر المواطنين لصرف مدخراتهم، لتصاب معظم القطاعات بالشلل التام، وتصل الأسواق إلى حالة انكماش لم يسبق له مثيل في السابق، وافتقدت المدينة وبالتأكيد كباقي المدن حالة الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها