اسرائيل اليوم - البروفيسور دانيال بايبس:12/12
 
(المضمون: ان نتائج الجولة الاولى من انتخابات مجلس الشعب في مصر لا تعبر عن الواقع المصري تعبيرا حقيقيا، بل هي لعبة من الجيش المصري للحفاظ على سيطرته واحتوائه للمنظمات الاسلامية في مصر)

فاز الاخوان المسلمون بحسب معطيات الانتخابات في مصر بـ 37 في المائة من اصوات الناخبين في الجولة الاولى للتصويت في مصر، وحصل السلفيون الذين يريدون تطبيق حياة اسلامية أكثر تطرفا على 24 في المائة. فللاسلاميين معا 61 في المائة من الاصوات.
لا شك في ان هذه نتيجة مدهشة اذا نظرنا الى الوراء سنة واحدة فقط. فهل الاسلام في طريقه للسيطرة على مصر؟.
والسؤال هو هل النتائج دقيقة أم مموهة. فكما لم يتطرق أحد بجدية الى الايام التي كان الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي يحصل فيها على 99 في المائة من الاصوات، يجب علينا أن نشك ايضا في نتيجة الانتخابات في مصر. فاللعبة هناك أكثر احكاما لكنها ما تزال لعبة. وينبغي ألا ننسى أن أنور السادات وحسني مبارك ومحمد الطنطاوي الآن يعرفون اللعب بالتهديد الاسلامي ليحظوا بتأييد غربي، فعلى سبيل المثال حينما ضغط جورج بوش على مبارك للتمكين من مشاركة سياسية أوسع، أجابه مبارك بأنه يخشى من أن يُنتخب 88 من اعضاء الاخوان المسلمين لمجلس الشعب وبهذا أرسل الى واشنطن رسالة تقول ان الديمقراطية تعني سيطرة اسلامية.
ينبغي ألا نتجاهل ان الطنطاوي الشيخ والمجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة في مصر يلعبان اليوم ايضا هذه اللعبة، وتبرز هذه النقطة في مصر لأن كثرة المصوتين للحزب السلفي تثير الريبة.
على حسب تقارير سرية، ساعد الجيش على دعم تنظيمات ما للاخوان المسلمين والحزب السلفي مقابل التعاون.
والمنطق واضح. فالمجلس يستطيع بهذا ان يحتوي الاسلاميين من جهة وان يخيف الغرب من جهة ثانية بأنهم قد يسيطرون على مصر.
هذه لعبة معروفة. فرئيس اليمن ورئيس السلطة الفلسطينية ايضا يحسنان لعب هذه اللعبة المزدوجة. فهما يدعيان انهما معاديان للاسلاميين ومعتدلان في نظر الحليفات الغربية ويتعاونان مع الاسلاميين داخل بلديهما للسيطرة عليهم والحفاظ على قوتهما. بل ان طُغاة للاسد في سوريا والقذافي في ليبيا زعما ان بلديهما سيسقطان في أيدي حركات اسلامية متطرفة في حين تعاونا معها بالفعل.
ويُسأل السؤال ماذا يجب على الغرب وعلى الولايات المتحدة ان يفعلا ازاء اللعبة المصرية؟ أولا، صحيح أنه اذا سيطر الاسلاميون على مجلس الشعب فانهم يستطيعون ان يُجيزوا في الدولة أحكام الشريعة، لكن ينبغي ان نذكر ان الجيش ما يزال يستطيع ان يقرر خفض نسبتهم في مجلس الشعب لأنه يسيطر على تنظيم جولات التصويت في المستقبل.
لهذا يجب على الغرب ان يؤيد مبدئيا الدفع قدما بديمقراطية حقيقية وبناء مجتمع مدني يُمكّن ملايين المعتدلين في مصر ايضا من التعبير عن آرائهم، ويجب على الغرب ان يوقف جميع المساعدة الاقتصادية للقاهرة الى ان يُمكّن الجيش جميع التيارات في مصر من التعبير عن نفسها حقا – ويشمل هذا المسلمين والعلمانيين والليبراليين والأقباط ايضا.
وشيء أخير: يجب علينا ان ننظر الى الاخوان المسلمين والسلفيين أنهم أعداء خطيرون بنفس القدر لئلا نقع في شرك يحاول التمييز بين مسلمين أقل تطرفا أو أكثر تطرفا في ظاهر الامر.