معنى مهاجمة ايران

اسرائيل اليوم - رون تيره:7/12

(المضمون: يرى الكاتب انه يجب ان تبادر الولايات المتحدة الى ضرب ايران للقضاء على مشروعها الذري حتى لو استطاعت ايران ان تبنيه من جديد بعد ذلك لتفرض ارادتها السياسية على ايران وإلا فانه يجب على اسرائيل ان تقوم بهذا العمل غير ملتفتة الى اقوال من يعارضون هذا الهجوم في اسرائيل أو في الغرب).

في لقاء وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا ورئيس الموساد السابق مئير دغان في منتدى سابان اتفقا على أنه لا يجوز لاسرائيل ان تهاجم ايران وحدها. وكان التعليل المركزي أن الهجوم لن يفضي الى القضاء على البرنامج الذري الايراني بل الى تأخيره سنة الى سنتين فقط. وقد علل دغان معارضته ايضا بالرد الايراني المتوقع.

هذا التحليل من قبل هذين الشخصين مخطوء لأنهما يفحصان في الأساس عن نتيجة الهجوم المادية. لأنه حتى لو تم القضاء تماما على البرنامج الذري فان ايران تستطيع في ظاهر الامر ان تعاود انشاء البرنامج. وقد كان العراق يستطيع ان يعاود انشاء المفاعل الذري بعد القضاء عليه في 1981. فليست النتيجة المادية اذا هي الأساس. الحرب هي صراع بين ارادات سياسية مختلفة. والارادة السياسية للولايات المتحدة واسرائيل هي ان تتخلى ايران زمنا طويلا عن جهودها لامتلاك سلاح ذري. والارادة السياسية الايرانية هي ان تحرز سلاحا ذريا في مرحلة ما. وكما هي الحال في حروب كثيرة فان السؤال من هو صاحب الارادة السياسية الأقوى.

ان ايران من جهة مادية أقرب الى ان تكون نمرا ورقيا من ان تكون قوة جدية. فاقتصادها أضعف من اقتصاد الارجنتين وجيشها القديم غير قادر على مجابهة جيش غربي بصورة مباشرة. لكن ايران تعرض نفسها على أنها قوة كبيرة وأنها مصممة ومستعدة على المخاطرة ودفع ثمن باهظ عن تحقيق مطامحها. وفي المقابل فان الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة لكنها مستنزفة ومحجمة عن مجابهات ومترددة عن دفع أثمان عن تحقيق ارادتها السياسية. ومع ذلك لا يوجد شك ألبتة في ان الولايات المتحدة أقوى وفي أنه في حال نظرت الولايات المتحدة وايران الى القضية الذرية بنفس الجدية وبنفس التصميم وبنفس الاستعداد للمخاطرة ولدفع أثمان – في هذه الحال ستكون يد الولايات المتحدة هي العليا وستغلب ارادتها السياسية. والزمن عنصر آخر. فايران ترغب في مواجهات تطول لأنها تعلم ان قدرتها على التحمل أكبر من قدرة أعدائها وأنها تستطيع ان تستمر في الصراع الى ان يتخلى أعداؤها. وتحجم الولايات المتحدة عن صراعات طويلة وتطمح الى ان ترسم خطوط نهاية واضحة وسريعة لجهودها. وفي مواجهة بين الاثنتين يكون كل ما تحتاج اليه ايران لتحقيق أهدافها هو ان تتابع بحيث تجتاز نقطة زمنية تقرر فيها الولايات المتحدة ان المواجهة قد طالت جدا من وجهة نظرها (وهذا ما حدث في الصراع على السيطرة على العراق).

اذا هاجمت الولايات المتحدة ايران فلن يكون الهدف القضاء على عدد ما من آلات الطرد المركزي بل نقل رسالة سياسية بلغة استراتيجية صادقة واضحة تقول انها جدية في نيتها ان تمنع عن ايران السلاح الذري، وان الولايات المتحدة ستخاطر وستدفع الأثمان المطلوبة لتحقيق هذا. ويجب على الولايات المتحدة ان تُبين أنها ستستمر في جهودها زمنا غير محدود وأنها لن تُستنزف بجولة اخرى أو اثنتين، وبهذا تُبين الولايات المتحدة ان ارادتها السياسية هي التي ستغلب وأن ايران ستضطر الى التخلي عن تحقيق ارادتها في المجال الذري. ولو هاجمت اسرائيل ايضا فلن يكون هذا اجراءا للقضاء على آلات الطرد المركزي بل اجراءا سياسيا واضحا. ان هدف هذا الهجوم ان يفضي بالثلاثي اسرائيل – الولايات المتحدة – ايران الى وضع تضع فيه الأطراف كلها جميع أوراق اللعب على الطاولة. اذا لم تفعل الولايات المتحدة هذا فيجب ان تكون اسرائيل هي التي تُبين أنها ستخاطر وتدفع الأثمان المطلوبة وأن ارادتها السياسية لا يمكن ان تُضعضع – حتى لو اضطرت الى ان تعاود الهجوم بين الفينة والاخرى في كل مرة تعيد فيها ايران بناء البرنامج الذري. ان الاستعداد الاسرائيلي لجر الثلاثي اسرائيل – الولايات المتحدة – ايران الى نقطة عمل جديدة كهذه سيحدث واقعا سياسيا جديدا ولا يهم ألبتة كم من آلات الطرد المركزي تم القضاء عليها في الطريق.

وكلمة اخرى لدغان: ان الكثرة الغالبة من الرد الايراني سينفذها حزب الله، وعدم الاستقرار الداخلي في لبنان وعدم الاستقرار بين اسرائيل وحزب الله يضطراننا الى افتراض ان اسرائيل ستجد نفسها على كل حال، ان عاجلا أو آجلا، لهذا السبب أو ذاك، في جولة قتال اخرى مع حزب الله. فاذا كان الامر كذلك فيفضل ان تحارب اسرائيل حزب الله لاسباب استراتيجية مناسبة – التأثير في مطامح ايران الذرية – لا بسبب حادثة ذات معنى استراتيجي ضئيل كالحادثة على الحدود في تموز 2006.

 

اذا أخذوا فليعطوا

يديعوت أحرونوت - سيفر بلوتسكر:7/12

(المضمون: يعرض الكاتب تقريرا نشر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير واسرائيل عضو فيها يُبين ان الفروق الاجتماعية قد اتسعت اتساعا كبيرا في العقد الماضي في اسرائيل بصورة أكبر كثيرا مما حدث في سائر الدول الغربية).

قبل يومين نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير "OECD" التي قُبلت لها اسرائيل قبل نحو من سنتين، بحثا آخر عن عدم المساواة في العالم. واسرائيل كالعادة تظهر فيه بصورة سيئة باعتبارها دولة اتسعت فيها الفروق في العقد الماضي اتساعا سريعا بصورة خاصة.

يمتد البحث ليبلغ نحوا من 400 صفحة، والاستنتاج المتعلق باسرائيل حاد جدا يقول: ان السياسة الاقتصادية التراجعية والعدوانية لحكومات اسرائيل في العقد الماضي سببت تعميقا للفقر لم يسبق له مثيل (الصفحة 229 في البحث). لهذا فان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في غرب اوروبا وامريكا الشمالية التي انخفض فيها الدخل الحقيقي الصافي لنسبة الـ 10 في المائة الفقراء من السكان بنسبة تزيد على 1 في المائة كل سنة لتبلغ 11 في المائة تقريبا في العقد كله. وفي جميع الدول الاخرى ارتفع دخل الفقراء بالنصف على الأقل.

ان زيادة عدم المساواة في اسرائيل يفسرها بحث في تعمق الفروق بين مجموعات السكان المختلفة، أي بين العرب والحريديين من جهة وبين الجمهور اليهودي غير الحريدي من جهة ثانية. وبسبب جملة الاقتطاعات القاسية من مؤسسات دولة الرفاه أصبحت المجموعات الفقيرة في اسرائيل أكثر فقرا. ولم يتسع عدم المساواة بين الجمهور اليهودي غير الحريدي.

كل هذا ليس جديدا. نشرت استنتاجات البحث الرئيسة في مطلع أيار من هذا العام ونشرت بتوسع في "يديعوت احرونوت" حصرا تحت عنوان "الفروق في اسرائيل تعمقت أكثر من كل دولة اخرى". فهل حرك نشرها عضلة واحدة في وجوه متخذي القرارات الاقتصادية؟ لم يتحرك شيء عندهم.

والدليل على هذا أنظروا ما الذي تشتغل به المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية في اسرائيل. انها تشتغل مثلا بسؤال مصيري هو ماذا سيكون مقدار تأثير المستثمرين المؤسسيين في شركات بنات لشركات صيانة يتم تداول أسهمها في البورصة. وهي تشتغل بمقدار الاعفاء من الضريبة الجمركية على شراء منتوجات بواسطة الانترنت (والقصد الى منتوجات كانت معفاة أصلا من كل ضريبة جمركية؛ فاسرائيل هي الدولة ذات النسب الدنيا من الضريبة الجمركية). وهي تشتغل بتقسيم إفضالات مباشرة على عائلات شابة من الطبقة الوسطى خرجت للتظاهر في موجة الاحتجاج الاجتماعي.

بعمل رشوة بلا خجل استقر رأي الحكومة والكنيست على ان توزعا على هذه العائلات مخصصات – اجل مخصصات – بمليارات الشواقل كل سنة. ونشر ديوان رئيس الحكومة فورا في كل الصحف رسالة طويلة: "بشرى للطبقة الوسطى – إفضال بمئات الشواقل كل شهر". ولم يظهر أن أحدا تقلقه حقيقة ان المخصصات الجديدة تعطى باعتبارها اعفاءا من الضريبة، أي انها لن تُدفع الى عائلات فقيرة بل ولا الى عائلات قريبة من الفقر دخلها أقل من السقف الضريبي. واذا لم يكن هذا كافيا فان الحكومة والكنيست استقر رأيهما على الغاء الرفع المخطط له لسعر البنزين. وتقاسم هذا "الافضال" الذي يساوي 2.5 مليار شاقل تراجعي على نحو سافر: فمن اجل تمويله سيأتي وزير المالية قريبا جدا بقرار على اقتطاع أفقي من الميزانية المدنية.

ألم يكن أفضل ان يُستثمر المال في السكن العام؟ أو في توسيع سريع للتربية الالزامية من سن الثالثة ويوم دراسي طويل؟ ان ثلث اولاد اسرائيل نشأوا في عائلات فقيرة. فماذا يفعلون معهم؟ لا شيء.

أقر نتنياهو إذ كان رئيس حكومة في ولايته السابقة مبدأ: اذا أعطوا فسيأخذون. وانقلب الترتيب الآن بحيث أصبح: اذا أخذوا (افضالات) فسيعطون (الصوت في صناديق الاقتراع).

من الملائم ألا يصبح شباب الاحتجاج الاجتماعي أسرى الرشوة الحكومية وألا ينتشوا برفع ضريبة الشركات – التي ليس من المؤكد حتى الآن من الذين ستضر بهم – ولا محاولة الربط بين منح تمثيل زائد لأصحاب أسهم الأقلية في شركات بورصة وبين العدل الاجتماعي. ان "الاصلاحات" و"خفض الاسعار" و"الافضالات" التي تُقسمها الكنيست والحكومة وديوان رئيس الحكومة بسخاء لن تسهم شيئا في الاقلال من الفقر ومضاءلة عدم المساواة. ان تغيير ترتيب الأولويات ما يزال على المائدة والتكافل ما يزال ينتظرهم.

 

اليمن بعد صالح

بقلم: يوئيل جوجانسكي وايرز شطريم

(المضمون:  مغادرة الحاكم العربي الرابع منذ بدء الربيع العربي وإن كانت ستساعد في تخفيض مستوى اللهيب الا انها لن تحل مشاكل اليمن، التي تتحول رويدا رويدا الى مشاكل الشرق الاوسط).

في 23 تشرني الثاني 2011 وصل علي عبدالله صالح الى السعودية على نحو مفاجيء، حيث وقع على اتفاق في اطاره سينقل صلاحياته الى نائبه مقابل الحصانة من تقديمه الى المحاكمة. توقع الامريكيين والسعوديين كان أن عُراب الاتفاق هو أن يسمح ترك صالح للسلطة بانهاء "الثورة اليمنية". فقد بدأت هذه في شهر كانون الثاني 2011 بتأثير أحداث "الربيع العربي" وكرد فعل على الوضع الصعب على أي حال الذي تعيشه اليمن. اما التوقع الان فهو ان يوقف النزول عن الساحة تدهور الدولة نحو حرب أهلية كاملة. ومع ذلك مشكوك أن بذلك يصل اليمن الى الاستقرار المنشود: فقد بات اليمن الان دولة فاشلة بل واحدى الدول الاخطر بينها.

على مدى 33 سنة حكمه، نجح صالح في خلق منظومة مركبة من التسيد بين النظام والقبائل المركزية، ساعدته على الحفاظ على سيطرة ناجعة في الدولة. في واقع ارتفع فيه عدد الاسلحة دون رقابة ليصبح أربعة اضعاف ما يوجد في أيدي قوات الامن، نجح صالح في العمل بالتعاون مع تلك العناصر القبلية من أجل الحفاظ على حكمه والتصدي للتهديدات الداخلية مثل التطلعات الانفصالية في الجنوب والتمرد الحوثي الشيعي في الشمال. قادة القبائل، الذين نجحوا في "توفير البضاعة" واحلال الاستقلال، حظوا بامتيازات عديدة – وكذا المعارضة تم شراؤها بشكل مشابه.

انهيار "نظام صالح" من شأنه أن يمس بالهامش الهش الذي نسج في عهده وان يبعث على منافسة مسلحة بين القبائل على السيطرة على مقدرات الدولة الاخذة في الهزال. أدلة على هذه المنافسة يمكن أن نراها على الارض حين واصلت القبائل المقربة من النظام دعم نظام صالح بينما اخرى انضمت الى صفوف المعارضة. على رأسه معارضيه وقف في اذار 2011 الجنرال محمد علي محسن، قائد الفرقة المدرعة الاولى، مقرب صالح في الثلاثين سنة الاخيرة. حقيقة أنه وقف زعما لحماية المتظاهرين كفيلة بان تساعده في الانتخابات القادمة.

صالح أجاد في فهم علاقات القوى بين القبائل في اليمن واقام توازن قوة بينها من خلال خليط من الترهيب والترغيب. ويذكر قوله بان السيطرة في اليمن تشبه "الرقص على رؤوس الافاعي" – وبالفعل من سينتصر في الانتخابات التي ستجرى في شباط 2012 سيضطر الى مواجهة مجتمع منقسم ومنشق بين القبائل، التيارات الدينية والميليشيات المسلحة.

الثورة في الثمن، التي بدأت كدعوة من شباب الدولة للديمقراطية، أصبحت صراعا بين النخب القائمة. احزاب سياسية وشخصيات مقربة من الحكم، وكذا زعماء عسكريين فروا بعد اندلاع الاضطرابات اخذوا كما اسلفنا الرعاية على المظاهرات وعلى المقاومة المسلحة لنظام صالح. في السيناريو الاكثر تفاؤلا ايضا من حيث نقل السلطة بشكل مرتب، فان ادارة الدولة في "الفترة الانتقالية" ستكون بيد كبار النظام القديم الذين سيحاولون منع أو تأخير الانتقال الى طريقة حكم ديمقراطية. هذه الحقيقة كفيلة بان تبعث على موجة جديدة من المقاومة العنيفة في حالة تمسك شباب الثورة بمواقفهم ومطالبتهم بتغيير حقيقي، من شأنها هي أيضا ان تسرع عملية التدهور التي توجد فيها الدولة العربية الاكثر فقرا والاكثر اكتظاظا بالسكان في شبه الجزيرة العربية.

منذ بداية الاحداث هذا العام تفاقم الوضع. تصدير النفط كاد يتوقف والاقتصاد اليمني تكبد خسائر تصل حتى 10 مليار دولار. نحو نصف السكان في اليمن يعيشون على اقل من 2 دولار في اليوم. البطالة مستشرية (حسب  بعض المقاييس تجاوزت مستوى الـ 50 في المائة) بينما نحو نصف السكان هم تحت سن 16. هذه المعطيات ستجعل من الصعب اتخاذ أي محاولة لمعالجة الحراك الاجتماعي في المستقبل القريب على الاقل. النفط، المقدرات الطبيعية الوحيدة لليمن، والتي تخلق اساس مداخيل الدولة من التصدير، ينفد بسرعة والمخزونات ستفرغ في العقد القريب القادم. كما أن مخزونات المياه في الدولة ستفرغ هي ايضا. طريقة الحكم التسيدية أدت الى استغلال زائد لكل مقدرات الدولة، وفي ظل غياب خطة بديلة للتنمية الاقتصادية، اعتمد صالح في السنوات الاخيرة على أموال المساعدات السعودية والامريكية.

الحكم البديل سيضطر الى التصدي لتهديدات داخلية عديدة على استقرار الدولة. منذ بدأت موجة الحراك الحالية بدأ الحكم المركزي يفقد بالتدريج سيطرته على مناطق عديدة – وبالاساس في المحيط ولكن ايضا في صنعاء نفسها. في جنوب الدولة، الحركة الانعزالية استغلت مغادرة قوات الامن وتهدد بالاعلان عن الاستقلال. الثوار الشيعة هم ايضا الذين يتمتعون من دعم ايران نجحوا تحت رعاية الفوضى في توسيع المناطق التي تحت سيطرتهم – فهم يسيطرون عمليا في اقليم صعد كله وعلى مناطق كبيرة على طول الحدود مع السعودية. أحد تطلعاتهم هو نيل صلة وصول الى البحر الاحمر تسمح لهم بتوريد دائم للسلاح الايراني عبر البحر.

بالتوازي، في مناطق واسعة من الدولة تنجح "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" في توسيع المناطق التي تحت سيطرتها بل ونجحت في السيطرة على أجزاء واسعة من مقاطعة أبيان بينها، زنجبار، ومدينة الميناء في خليج عدن. الفرع اليمني للقاعدة الذي نجح في العقد الاخير في تنفيذ عدة عمليات ضد محافل في الخليج وخارجه يقوم على اساس، هكذا حسب الامريكيين، انه الفرع الاخطر بين فروع القاعدة. التخوف هو انه في ظل الفوضى المتعاظمة في اليمن، ستواصل المنظمة تنفيذ العمليات الفتاكة بل وستمس بحرية الابحار في منطقة مضائق باب المندب، التي يمر عبرها ما يزيد عن 3 مليون برميل نفط في اليوم.

التصدي الدولي لعدم الاستقرار في اليمن، والذي سيستمر ايضا بعد نقل الحكم، يستدعي موقفا من مشاكل اليمن، وذلك، فضلا عن معالجة الارهاب الذي هو عرض من الاعراض الكثيرة لامراضه. الولايات المتحدة أوضحت منذ الان بان ليس في نيتها التدخل المباشر في ساحة شرق أوسطية مشتعلة اخرى وان النشاط الامريكي في اليمن سيتركز على الهجمات الجوية ضد محافل القاعدة، كتلك التي قتل فيها كبير المنظمة العوالقي في شهر تشرين الاول 2011.

من أبدت تدخلا كبيرا في الفترة الاخيرة في اليمن، بل وساعدت الاطراف في اليمن على الوصول الى الاتفاق المطروح، هي السعودية، غير المعنية في أن تصبح مشاكل اليمن مشاكلها. للسعودية نفوذ كبير في اليمن وعلى مدى السنين أقامت السعودية منظومة تسيد تتضمن مساعدة سخية للحكومة اليمنية ودفعات مباشرة لرؤساء القبائل في الدولة. غير أن ليس للسعودية تحكما مطلقا بما يجري في اليمن – وتشهد على ذلك محاولات القاعدة القيام بالعمليات في السنوات الاخيرة ضد العائلة المالكة نفسها.

ذهاب صالح سيضع قيد علامة استفهام انجازاته القليلة ولكن الهامة. كما أن جيران اليمن اعترفوا بذلك: الحاكم الذي أجاد في الرقص "على رؤوس الافاعي" قاتل القاعدة والحوثيين وكان بقدر كبير "النسغ" الموحد للساحة اليمنية الممزقة. جيرانه وان كانوا غير معنيين بنشوء حكم ذي مؤشرات ديمقراطية في ساحتهم الخلفية (مشكوك أن يكون هذا ما سيحصل في المستقبل القريب) ولكنهم يخافون ان يخرج الوضع عن نطاق السيطرة. ولهذا فانهم دفعوا الى الامام بنموذج مختلف قليلا لنقل الحكم عن ذاك الذي رأيناه في شمالي افريقيا، وبموجبه صالح ورجاله سيتمتعون بحصانة وحزبه سيتمكن من التنافس في المستقبل على قيادة الدولة.

ذهاب صالح، اذا كان بالفعل نهائيا، فانه ليس النهاية التامة وإن كان بسبب حقيقة أن الاتفاق الذي وقع عليه لا يلبي معظم مطالب المتظاهرين وليس واضحا ايضا كم هم خصومه المركزيون بالفعل ملتزمون به. مغادرة الحاكم العربي الرابع منذ بدء الربيع العربي وإن كانت ستساعد في تخفيض مستوى اللهيب الا انها لن تحل مشاكل اليمن، التي تتحول رويدا رويدا الى مشاكل الشرق الاوسط.