المسرح ميدان رائع للتعبير عما تزخر به الحياة الاجتماعيَّة من أذواق العصر والأفكار والطموحات الجديدة"، بهذه الكلمات افتتح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله، الدليل الرسمي لمهرجان كلباء في دورته العاشرة للمسرحيات القصيرة، في مدينة كلباء في الشارقة، الذي يحتوي على مجموعة من العروض من أعمال مسرحية عالمية ومحلية، الناطقة باللغة العربية الفصحى، تنظم في المركز الثقافي لمدينة  الفجيرة/كلباء/ الشارقة.

وانطلقت فعاليات المهرجان بالترحيب في ضيوف المهرجان، والتعريف عن فعالياته المميزة التي تنوعت بين عروض مسرحية قصيرة وندوات ونقاشات عن تاريخ المسرح في الوطن العربي، والبحث في تطوره وإيجاد طرق لكيفية استمراره، من خلال دمجه في التعليم المدرسي في دولة الإمارات، كما يحدث في بعض  الدول العربية المختلفة من أجل السعي إلى استمرار الحركة المسرحية العربية و تطورها على إمتداد الزمان والمكان .

وتضمنت الأمسيات المسرحية من خلال مخرجين وممثلين شباب، عروضًا مسرحية قصيرة، عن نصوص عالمية كبيرة، تم إعداد النصوص فيها بطريقة جميلة تحافظ على الفكرة الرئيسية للمسرحية وتعرض على شكل المسرحية القصيرة، التي كانت موضوعًا للنقاش في كل الندوات والمحاضرات، حيث تم طرح أهمية المسرحية القصيرة في هذا الوقت والزمان، وكيف يمكنها أن تواكب التطور التكنولوجي والسوشيال ميديا، وتحافظ على مكانة المسرح بين جمهوره.

وتميزت العروض وتشاركت فيما بينها، في أدائها باللغة العربية الفصحى وهذا يعيدنا إلى ثقافتنا وتاريخنا العربي الغني بالمعاني والمفردات والبحور الشعرية من اللغة العربية، ويخلق فنانين وممثلين ونقادًا مثقفين ومتواصلين فخورين بثقافتهم وحضارتهم العربية المتنوعة على مر المراحل و الأزمان.

وتعد هذه المهرجانات مهمة جداً للفنانين والمثقفين العرب، حيث تساعدهم على التواصل فيما بينهم، وتتجاوز التقسيمات الجغرافية التي فرضت عليهم، وتجمع تاريخ الوطن العربي تحت سقف واحد، وهذا يزيد من الثقافة ويثري المسيرة المسرحية والفنية، فهناك عمالقة في المسرح والنقد والفن في الوطن العربي الذي يعج بكنوز من تاريخ المنطقة، وها هو المسرح أبو الفنون يجمع النقاد والمثقفين، والمخرجين، والكتاب، والممثلين والفنانين، في مجالاتهم المسرحية والسينمائية المختلفة، ليخلق جوا من الإبداع وليالي من أجمل الليالي في مدينة الفجيرة في كلباء الشارقة .

وكما قال الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي له كل الشكر والتقدير على هذا التجمع الثقافي العربي الرائع "الجمال المكتمل لا يتوفر في فن من الفنون بقدر ما هو عليه في المسرح" .

واستضاف المهرجان فنانين، وكتابًا، ونقادًا، وممثلين مسرحيين، من كل أنحاء الوطن العربي، حيث وجهت دعوة بشكل رسمي إلى الفنانة الممثلة والمخرجة والإعلامية ميس عاصي كممثلة عن دولة فلسطين، التي  شاركت في مقابلات على قناة الشارقة، وعقبت على الندوات، والعروض المسرحية المختلفة والمتنوعة، وكان حضورها مميزًا بين مجموعة من الفنانين والباحثين والمسرحين من مختلف الدول العربية.

فمن الجزائر بلد المليون شهيد، استضاف المهرجان المخرج والكاتب المسرحي والتلفزيوني والسينمائي الربيع قشي، والمخرج والممثل والباحث المسرحي أنور اسم الله، والممثلة المسرحية والتلفزيونية أمينة بلحسين، والناقد المسرحي والأستاذ المحاضر في النقد والنظرية الدراميَّة يوسف زعفان، والباحثة المسرحية الدكتورة سميحة عساس، والممثل والباحث المسرحي توفيق رابحي.

ومن مصر حضرت الممثلة والمخرجة والناقدة المسرحية أسماء حجازي، والمخرج والممثل المسرحي محمد الحضري، والقاص والناقد المسرحي محمد علام، والممثل والمخرج المسرحي نديم هشام، بالإضافة الى الكاتبة والناقدة والباحثة المسرحية الدكتورة داليا همام.

ومثل السودان الممثل والمخرج والباحث والمترجم المسرحي مايكل نصر، والمخرج والممثل والباحث ومصمم الرقص المسرحي جاستن جون بيلي .

ومن تونس الخضراء شاركت الممثلة والمخرجة والدراماتورج الدكتورة مريم الجلاصي، والممثلة المسرحية والسينمائية صابرين غنودي.

بالإضافة إلى استضافة الباحث والكاتب والمخرج وأستاذ في الفلسفة الدكتور علي علاوي، والممثلة المسرحية الشابة كنزة فركاك من المغرب.

وتم اختتام المهرجان في إعطاء جائزة افضل ممثل وأفضل عمل مسرحي وسينوغرافيا ونص واخراج، لدعم الشباب الهواة في بداية مسيرتهم المسرحية في مجال المسرح والإخراج والتمثيل.

وأسس مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة عام 2012، ترجمة لتوجيهات القاسمي بهدف اكتشاف وصقل وإبراز الطاقات المسرحية الواعدة، بالإضافة إلى استضافة فنانين وكتاب وناقدين وممثلين ومخرجين وإعلاميين في السينما والمسرح، من شتى بقاع الوطن العربي، بما يمنح صناع العروض فرصة لتطوير وتعزيز معارفهم وتصوراتهم، حول مجمل موضوعات وشواغل المشهد المسرحي العربي الراهن، إذا يتيح لهم فرصة الالتقاء، والتواصل، والحوار، مع نخبة من الفنانين والباحثين والأكاديميين المسرحيين، تدعوهم إدارة المهرجان من مختلف الأقطار العربية، لمشاهدة العروض وإثراء الندوات والنقاشات برؤاهم، وأفكارهم، وملاحظاتهم المتنوعة والقيمة.

وينظم المهرجان بعد "دورة عناصر العرض المسرحي" البرنامج التدريبي المكثف الذي يشمل محاضرات نظريَّة وعمليَّة، في اختصاصات الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا تحت إشراف أساتذة مسرح مختصين، من داخل الدولة وخارجها .

ويشجع المهرجان الموجة للهواة، والمشاركين في عروضه على اختبار قدراتهم، وإظهار مهاراتهم الإبداعية، عبر مقاربة ومعاينة التراث المسرحي العالمي، وتحويل النصوص العالمية الطويلة إلى نصوص قصيرة لتصبح مسرحية قصيرة، بالإضافة إلى النظريات، والتيارات، والمفاهيم، والتجارب المسرحية الرائدة والراسخة .

وإلى جانب العروض والندوات النقدية المرافقة لها، يحتضن المهرجان في كل دورة، ندوة فكرية تُعنى بجماليات الممارسات المسرحية وتقنياتها، إضافة إلى ملتقى البحث المسرحي والذي يستضيف مجموعة من المتخرجين حديثا في كليات الدراسات العليا المختصة في المسرح حملة الدكتوراة والماجستير، كما يكرم أحد المسرحيين المحليين المؤثرين، ويضيء على مسارات تجربته، عبر حلقة نقاشية، ويصدر كتاباً عن مسيرته المسرحية.