أكد سيادة الرئيس محمود عباس، "إن شعبنا البطل والمناضل سيبقى صامدا في أرضه وأرض أجداده، وسنواصل العمل من أجل نيل شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله".

وأضاف سيادته خلال افتتاحه المنتدى الوطني الثامن "الحياة الرقمية والابداع"، الذي عقد اليوم الثلاثاء، بمقر الهلال الأحمر في البيرة، أن "أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني حول العالم وفي فلسطين يقدمون نموذجاً خلاقاً في خدمة مجتمعاتهم والبشرية جمعاء، رغم معيقات الاحتلال، والتحديات التي تواجه مسيرتنا التنموية".

وأعرب عن فخره بالجالية الفلسطينية في كل أنحاء العالم، التي تتحمل مسؤولياتها الوطنية وترفع راية فلسطين والحرية لفلسطين، وتتمسك بالرواية الفلسطينية، وعن اعتزازه بأن جزءا كبيرا من العاملين في التقدم العلمي في معظمه من الاناث، قائلا: هذا هو الشعب الذي يجب أن ينتصر، إن لم ينتصر اليوم سينتصر غدًا، ويحقق الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

وشدد سيادته على ضرورة أن تدحض الرواية الفلسطينية التي تنتشر في كل مكان في العالم الرواية الصهيونية الغربية الاستعمارية.

وفيما يلي نص كلمة سيادته:

اخواتي وأخواتي.. السيدات والسادة جميعا.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل يومين أنهيت قراءة كتاب عن فلسطين بعنوان "فلسطين في النهضة الموسيقية العربية"، الذي يتحدث عن مرحلة ما قبل النكبة على مدى نصف قرن أو أكثر من الزمان، وهو أحد الكتب التي قرأتها، ولفتت انتباهي كغيرها من الكتب، التي تتحدث عما كان يجري في فلسطين قبل النكبة.

هذا البلد الذي كان محتلا من الانتداب البريطاني، ومن قبله الحكم العثماني، ولكنه كان بلدًا مشتعلًا بالنشاط، مشتعلا بالثقافة، ومشتعلا بكل شيء، وليس كغيره من بقية الشعوب، وأقولها بفخر.

هذا الكتاب يتحدث عن المسرح، وعن الفن، وعن الموسيقى، وعن الغناء، وعن تأليف الموسيقى في فلسطين، وغيره من الكتب، والملفت فيه التفاصيل التي وردت فيه، والتي تتحدث عن أن فلسطين كانت قِبلة لشعوبنا العربية جميعًا تقريبًا، حيث أن كل فنان في سوريا، ولبنان، ومصر وغيرها كان يأتي الى فلسطين ليقدم فنّه فيها، لأنه يعرف هذا الشعب يقدّر الفن، ويقدّر العلم، والفن جزء من الحضارة، وجزء من التقدم.

فعلا هذا الكتاب لفت نظري، وأنا أقرأ وأتذكر ما يقولون "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، كيف كانت أرضًا بلا شعب وهي كانت بهذه الحضارة وبهذا التقدم، وبهذا العلم وبهذه الثقافة حتى عام 1948 عندما وقعت النكبة.

وقعت النكبة وتفرق الشعب وخرج من دياره أكثر من نصف هذا الشعب 950 ألفًا، ليس 800 ألف، وليس 600، وليس 700، وإنما 950 ألفًا، وكانت هذه هي النكبة، التي أنكرها العالم، كل هذه المذابح التي حصلت في فلسطين، 51 مذبحة في الـ48، وإبادة 537 قرية عن بكرة أبيها، وخروج 950 ألفًا من ديارهم، ولم تحصل هناك نكبة!!.

 ولكن ما الذي حصل؟ حصل استقلال دولة اسرائيل. وأخيرًا وبعد ضغوط وبعد نشاطات لا حدود لها تم الاعتراف بالنكبة، لمرتين، وتم إحياء ذكراها في الأمم المتحدة في 15 أيار، وسنحيي ذكراها مرة أخرى في كل عام.

وأسأل سؤالًا بسيطًا: عندما تقول اسرائيل إنها تحتفل بعيد استقلالها.. هي استقلت عن من؟ يعني من الذي كان يحتل دولة اسرائيل حتى تحتفل بذكرى تخلصها من هذا الاحتلال.. هذه كذبة كبيرة.

تمر الأيام، تقوم الثورة الفلسطينية، وأول ما تقوم يبدأ ليس فقط الكفاح المسلح والإعلام وغيره، وإنما احياء العلوم، من أجل الاستفادة منها في الثورة، فشكلت اللجنة العلمية في عام 1968 برئاسة عدنان سمارة، الذي دعي من ألمانيا، وكان يعمل في المجال ذاته، فاستلم اللجنة العلمية لكي تواكب الثورة، ليس الثورة فقط إطلاق نار وإعلام وغيره.. وإنما العلم، وبدأ العلم يعمل.

وفعلا اشتغل العلم لفترة قصيرة، وما لبث أن قضي عليه لأسباب الأحداث التي جرت في الـ70 وما بعدها، وتوقفت اللجنة العلمية عندنا، واستمرت في العراق.

وعادت اللجنة العلمية مرة أخرى هذا اليوم منذ 10 أعوام أو 11 عاما باسم "التميز والابداع"، لتعيد الكرة مرة أخرى بالاستفادة من العلم كشعب متحضر، كشعب متعلم، كشعب يريد الاستفادة من العلم، في مسيرته النضالية، وفي مسيرته الكفاحية، ليصل الى النتيجة التي نريدها.

 وهذا ما نراه هذه الأيام.. التميز والابداع في كل مجالات الحياة، من الزراعية والصناعية وغيرها، وشاهدتم المعرض الثامن اليوم، وهو من فئة الشباب الأطفال، الذين لم تتجاوز أعمارهم العشرين، وكلهم مبدعون، وعاملون، ومفكرون، فهذا هو الشعب الذي قيل عنه "أرض بلا شعب"، "لشعب بلا أرض".

هذا الشعب الآن هو الذي يعمل في مجال العلم، والملفت للنظر أن معظم العاملين فيه إناث، وهذه ظاهرة اتابعها في نتائج الامتحانات في فلسطين في الثانوية العامة، وفي الجامعات، فالأول والثاني والثالث والرابع والعاشر من هن، والحادي عشر من الذكور.

وهناك استهداف واضح من قبل الاحتلال بحق المرأة الفلسطينية، وهو ما اتضح من اعتداءات بحقهن قبل أيام.

نفتخر أن العاملات أو جزءا كبيرا من العاملين في التقدم العلمي، كما شاهدتم الآن في معظمه من الأخوات، من أحفادكم، ونسائكم، وهذا هو الشعب الذي يجب أن ينتصر، إن لم ينتصر اليوم سينتصر غدًا، ويحقق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته،

يسعدني أن أشارككم مجدداً وأهنئكم على انجازاتكم ومؤتمراتكم ومعارضكم، وقد مرت 10 سنوات على تأسيس المجلس الأعلى للإبداع والتميز، أطلقتم خلالها الخطط والبرامج، وشجعتم الابتكارات واستخدام التكنولوجيا في مناحي الحياة كافة، ورعيتم المئات من المبدعين والمبدعات الشباب.

يأتي ذلك في إطار مسعانا الوطني الدائم لبناء وتطوير مؤسسات دولتنا، وتمكين المرأة والشباب، والارتقاء بالصحة والتعليم وجوانب الإنتاج في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة وإنتاج الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة والبنى التحتية والريادة وتطوير الأعمال وتعزيز الإبداع والتميز في المجالات كافة، باستخدام الذكاء الاصطناعي، والخدمات الرقمية، وغيرها.

أما اليوم، وأنا أرى هذه الإنجازات، أبارك للمجلس الأعلى منتداه الثامن تحت عنوان "الحياة الرقمية والإبداع"، حيث أرى الإبداع حاضراً في كل المشاريع والشركات الناشئة التي قدمت عروضها في إطار هذا المنتدى. وأتقدم بالشكر لكل من ساهم في تنظيم ورعاية هذا المنتدى، والشكر موصول للضيوف والمتحدثين من الخبراء والأكاديميين، وأبنائنا وبناتنا المشاركين في المعرض بأعمالهم ومشاريعهم.

الأخوات والإخوة، الحضور الكريم،

بالرغم من المعيقات التي يضعها الاحتلال، والتحديات التي تواجه مسيرتنا التنموية، فإن أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني حول العالم وفي فلسطين يقدمون نموذجاً خلاقاً في خدمة مجتمعاتهم والبشرية جمعاء.

وفي هذا الإطار فإننا نفتخر بجالياتنا في كل أنحاء العالم التي تتحمل مسؤولياتها الوطنية وترفع راية فلسطين والحرية لفلسطين وتتمسك بالرواية الفلسطينية، لأنها تعبر عن حكاية كل واحد منهم.

الرواية الفلسطينية الآن تنتشر في كل مكان في العالم، نريد أن نوضحها، وأن ندحض بها الرواية الصهيونية الغربية الاستعمارية التي رويت كذبا ونفاقًا ودجلًا عن القضية الفلسطينية من أرض بلا شعب الى غيرها، لنقول هذا هو الشعب الفلسطيني، والنكبة موجودة، وليس هناك استقلال وغيرها من القضايا التي يجب أن نطرحها في كل مكان لندحض الرواية الصهيونية، ونثبت الرواية الفلسطينية، وحربنا الآن هذه الأيام هي على الرواية الفلسطينية.

وفي هذه المناسبة الهامة، أؤكد بأن شعبنا البطل والمناضل سيبقى صامداً في أرضه وأرض أجداده، وسنواصل العمل من أجل نيل شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء لجرحانا البواسل، والحرية لأسرانا الأبطال.