للشهيد القائد سعد صايل أبو الوليد "مارشال بيروت" حكاية البلاغة الوطنية، والعسكرية المهنية معًا، وبفصول بطولية يعز نظيرها.
جحيم القذائف الجوية، والأرضية، والبحرية، الذي أشعل نيرانه الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 من القرن الماضي، أسقطه أبو الوليد بتحصينات الصمود والمقاومة، حتى لم تتقدم دبابات الاجتياح على أبواب بيروت، بأكثر من طول سبطانات مدافعها، وما من راية بيضاء رفعت هناك، وحين تأكد ذلك لجنرالات جيش الاحتلال وقادته، ورعاتهم، أنه من راية من هذا النوع سترفع، جاء وقتها المبعوث الأميركي "فيليب حبيب" ليفاوض على خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وهنا كان أبو الوليد مهندسًا للخروج المنظم لقوات المنظمة، ليؤكد للمبعوث الأميركي، ولإسرائيل الاجتياح، والعالم معًا، أن هذا الخروج، وعلى هذا النحو المنظم عسكريًا، إنما هو خروج من موقع ومعركة، إلى موقع ومعركة أخرى، ولهذا حينما سأل صحفي ياسر عرفات، وهو يصعد إلى سفينة الخروج المنظم مع قواته، إلى أين أنت ذاهب، صعق الصحفي الذي ظن حينها أن هذا الخروج، هو خروج النهاية والعزلة، صعق تمامًا، حين أجابه أبو عمار إلى فلسطين، وهذا ما كان بعد سنوات صعبة من الخروج، غير أن المارشال لم يصل إليها لأن يد الغدر طالته في البقاع اللبناني، على وهم أن اغتياله يمكن أن يبطل مسيرة العودة إلى فلسطين، هذه المسيرة التي ما زالت تسير في دروبها الصحيحة، برغم كل ما في هذه الدروب، من عراقيل وألغام.
فها نحن هنا اليوم على هذا الجزء المتاح من فلسطين، وضريح ياسر عرفات، بتراب القدس، وبالقرب منها، في مقره الذي أطل منه على دبابات الاحتلال التي كانت تحاصره، لعله يرفع تلك الراية البيضاء، التي أرادتها في بيروت، وعبثًا ما كانت تحاول دبابات الاحتلال، الراية البيضاء ما كانت، ولن تكون راية فلسطينية أبدًا .
لم يصل أبو الوليد جسدًا إلى بلاده، لكنه وصل، ويصل إليها، فكرة، وسيرة نضالية إبداعية وبطولية، في تفاصيلها الوطنية، والعسكرية المهنية، وأيقونة تتربع في بيت الذاكرة الفلسطينية، تشع بحضوره العصي على الغياب، وبيت الذاكرة هنا في متحف ياسر عرفات، الذي أشعل شمعة أخرى لمارشال بيروت سعد صايل في ذكرى مولده الذي مر قبل أيام، ويا لها من شمعة أنارت قاعة المنتدى بكلمات تحلقت حول أبو الوليد كمثل فراشات ترجوا عطره الزكي، وتلونت حكاية فلسطينية خالصة، حكاية حب، ونضال، وقرار، إما فلسطين حرة مستقلة في دولتها، بعاصمتها القدس الشرقية، وإما النار جيلاً بعد جيل..
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها