نديم علاوي
في صيف أريحا الغوري والملتهب، أقصى شرق الضفة الغربية، تصل درجات الحرارة في هذه الأيام التي وصفت بـ"الاستثنائية" مشارف الخمسينات وسط أجواء صيفية "غير مسبوقة"، فيما تضمحل مياه نبع العوجا رويدا رويدا، مقتربة من منسوبها الأدنى، ليس بسبب ارتفاع الحرارة فحسب وإنما أيضا بسبب السحب الجائر للمستوطنات.
هناك، على ضفتي "العوجا" يبذل الوافدون للاستجمام، رجالا وأطفالا ونساء، محاولات يائسة للحصول على قليل من الانتعاش بالمياه، لكن دون جدوى.
ونبع العوجا هو واحد من أكبر المحميات الفلسطينية في الضفة للغربية، يستمد مياهه من الحوض الشمالي لرام الله وجنوب نابلس عبر نفس المسار، كمصدر للسياحة الشعبية للمواطنين من كل عام من جميع محافظات الوطن.
يقول الناشط الميداني في العوجا صلاح فريجات، إنه "منذ عام 1967 يستهدف الاحتلال الإسرائيلي مياه نبع العوجا، من خلال السحب الجائر للمستوطنات المحيطة وخاصة بداية الصيف الحالي، حيث تم زيادة قدرة تلك المستوطنات على سحب المياه بنسبة أعلى."
وأضاف منذ شهر شباط/ فبراير الماضي، شهدنا انخفاضا في منسوب المياه، خاصة في الشهرين الأخيرين، حيث انخفض هذا المنسوب أقل من 1000 متر مكعب، بينما كان يصل إلى أكثر من 1800 متر مكعب في وقت سابق، وأحدث هذا الانخفاض تحديات كبيرة أمام المواطنين، وكذلك المزارعين الذين تفاجأوا بتلف بعض محاصيلهم الزراعية، خاصة محصولي الموز والملوخية.
ويتابع فريجات أن العوجا شهدت تناقصا واضحا في حجم البرك الزراعية نتيجة الموجة الحارة الحالية، وهذا التناقص أثر سلبا على كمية المياه المتوفرة في قنوات الري، وقلص المساحات الزراعية المزروعة بالملوخية والموز.
ويشير فرحان غوانمة، وهو أحد سكان تجمع عين العوجا، الذين يعتمدون على النبع كمصدر وحيد للمياه، إلى سيطرة الاحتلال الإسرائيلي شبه الكاملة على مياهه.
"لقد تحولت العوجا إلى مزارات يومية للمستوطنين"، يقول غوانمة، متحدثا عن معاناة المواطنين في العوجا من حرمانهم من الاستجمام، في ظل وجود المستوطنين الذين هدفهم تشويه المنطقة، والاستيلاء عليها ومضايقة المواطنين ورعاة الأغنام وإجبارهم على مغادرة النبع.
ويشير إلى إن هناك اعتداءات مستمرة من قبل الاحتلال ومستوطنيه خاصة على النبع والسكان، وتعكس تلك الاعتداءات هدف الاحتلال في الاستيلاء على الأرض والمياه.
ويضيف: "لدى المستوطنين رغبة قوية في الاستيلاء على ينابيع المياه واستغلالها بشكل غير مشروع، وكذلك في الاستيلاء على الأراضي وإقامة المستوطنات ومشاريع أخرى تخدمها".
رئيس بلدية العوجا فخري نجوم أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يؤثر بشكل قاطع على مياه النبع من خلال آباره الارتوازية للمستوطنات في المنطقة، نظرا لأن الآبار يصل عمقها إلى نحو 800 متر.
وأضاف أن موجة الحر تؤثر على ينابيع العوجا، حيث تنخفض سرعة التدفق بشكل تدريجي بناءً على درجات الحرارة وكمية الضخ من قبل الاحتلال.
وأكد أن بلدية العوجا تبذل جهودا مشتركة مع وزارة الزراعة وسلطة المياه والجهات المعنية لترميم قنوات العوجا الداخلية وتطوير مياهها للاستفادة المثلى، بالإضافة إلى وجود 25 بركة زراعية يتم توزيعها للمزروعات، وهي بحاجة إلى ترميم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها