انقض الاحتلال الإسرائيلي على جنين ومخيمها بكامل عدته الحربية، أراد من وراء هذا الانقضاض الدموي العنيف، دمارًا، لا لأبنية، وبيوت، وشوارع المدينة، ومخيمها ولا دمارًا لمعنويات أهلها، وإطفاء لجذوة المقاومة عند شبانها فحسب، وإنما أراد كذلك من ورائه، دفع حاملي المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، وحماته، في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، أبناء حركة "فتح" قيادة، وكوادر، وأعضاء، وجماهير، أراد منهم، التسليم بواقع القوة العدوانية، والانصياع لها، والرضوخ لبنود مشروعها التصفوي..!!
العجيب في هذا الاطار، يوصف العقل اليهودي الإسرائيلي، بأنه عقل ذكي، وعلى الأغلب عقل برغماتي، غير أن هذا العقل لا يبدو كذلك البتة، مع حكومة الصهيونية الدينية، حتى أنه لا يراجع شيئًا من تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ليدرك أن القوة العدوانية ما استطاعت يومًا، ولن تستطيع بطبيعة الحال والواقع، كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وقراره المضي قدمًا في دروب الكفاح الوطني، حتى استرداد حقوقه المشروعة كافة، وتحقيق كامل أهدافه العادلة، خاصة بعد أن امتلك كيانه السياسي، ووطنه المعنوي، وقائد كفاحه الوطني، وممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية. وقد تحقق ذلك كله، بعد أن أوقدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" شعلة الثورة الفلسطينية المعاصرة، برصاصتها الأولى، ومضت في دروب الكفاح الوطني، تؤسس بالمعارك الخطيرة، والمواجهات الصعبة، وبروح التحدي الاصيلة، لمشروع البناء، والتحرير الواقعي، ومثلما أطلقت الرصاصة الأولى، أطلقت الحجر الأول الذي قاد إلى تحقيق عودة فلسطينية أولى، إلى أرض الوطن، وانشاء سلطة وطنية تصدت منذ يومها الأول، لمشروع البناء والتأسيس العملي لدولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف.
لا يراجع العقل اليهودي الإسرائيلي، هذا التاريخ، ولذلك لا نراه يتعلم شيئًا عن الطبيعة الفلسطينية، وحالها في واقع الصمود والتحدي، وقرارها الديناميكي في اطار مشروعها التحرري. ولأن هذا العقل ما زال على حاله هذه، وإذا ما ظل كذلك فان شريكًا إسرائيليًا لعملية سلام ممكنة سيظل غائبًا، وبرغم ذلك نقول لهذا العقل أن يتفحص جيدًا دلالات هذا الحضور الباهر لسيادة الرئيس أبو مازن في جنين، ومخيمها، ودلالات هذا الاستقبال الحميم له، من قبل أبناء المدينة، والمخيم، ولكي يعرف أن للمشروع الوطني الفلسطيني التحرري، دروبًا تتنوع فيها خطًا قيادة هذا المشروع وحماته، ولها في هذه الدروب بخطاها الشجاعة ما تريد من تكريسه من حقائق أساسها أن فلسطين ماضية بالتحدي والصمود والكفاح والمشروع الوطني، ماضية في طريقها، إلى سلامها، وقيام دولتها الحرة المستقلة وعاصمتها القدس، وبالبناء دائمًا على هذه الطريق، وبإعادة الإعمار لكل ما يدمره الاحتلال، وهي المهمة النضالية التي يقودها اليوم سيادة الرئيس أبو مازن في جنين ومخيمها.
وصل إليها ليعلن ذلك ومن على منصة القلعة أكد صواب القرار الوطني وسلامته وإصراره: سنبقى صامدين في أرضنا، ولن نرحل، وسنقطع اليد التي تعبث بوحدة شعبنا وأمنه، وعلى هذا وصلت الرسالة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها