لم تستبعد رئيسة جمعية أطباء لحقوق الإنسان، د. لينا قاسم، أن يكون الأسير خضر عدنان استشهد بعد لجوء إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى محاولة تغذيته قسريا.
وذكرت قاسم أنه لا يمكن إسقاط فرضية التغذية القسرية من الأسباب التي أدت إلى وضع حد لحياة الأسير الشهيد، كما حدث خلال إضرابات سابقة خاضها الأسرى في سجون الاحتلال في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وقالت: "لا أحد يعلم تحديدا ما الذي حدث في الساعات التي سبقت استشهاده، ولكن عندما قمت بزيارته قبل أسبوع وكان في اليوم الثمانين من إضرابه عن الطعام أكد لي أن السجانين والأطباء في سجن عيادة الرملة تحدثوا أمامه أكثر من مرة عن خيار الإطعام القسري".
وما يقطع الشك باليقين في هذا الجانب، حسب رئيسة جمعية أطباء لحقوق الإنسان، هو تشريح الجثمان، ولكن بما لا يتعارض مع وصية الشهيد التي كتبها ونشرها في 2 نيسان/ أبريل المنصرم، وجاء فيها: "إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان".
وإذا كان الشك يحوم حول أسباب الاستشهاد إن كانت بسبب فشل وقصور الوظائف الحيوية للأعضاء أو نتيجة التغذية القسرية، إلا أن الثابت في هذه المعادلة أن الأطباء الإسرائيليين لم يقوموا بواجبهم في الحفاظ على الحياة، حسب رئيسة جمعية أطباء لحقوق الإنسان.
وتضيف أنه لا شك بأن الأطباء خالفوا الآداب المهنية العامة ونقضوا القَسَم الذي أدوه في مستهل حياتهم المهنية، والذي ينص على صون حياة الإنسان في كافة الظروف وبعيدا عن الظروف والملابسات والتعليمات.
وتابعت أن وظيفة الأطباء تتجسد في إعطاء العلاج للمرضى ومنع تدهور حالتهم الصحية، وليس محاكمتهم، ولكن في قضية الشهيد عدنان تداخلت الاعتبارات السياسية غير الطبية والإملاءات من الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش.
"قمت بزيارته بتاريخ 23/4/2023 ثالث أيام عيد الفطر، في مستشفى سجن الرملة، وكان وضعه الصحي سيئ جدا بعد ثمانين يوما من الإضراب عن الطعام، ورفض التعاون معي إلا بعد أن خرج طبيب السجن من غرفة الفحص، حدثني عن الخلفية الطبية الخاصة به وإضراباته السابقة، وقال إنه يشعر بشيء مختلف في إضرابه الحالي، وإنه قريب جدا من الموت، وطلب بإلحاح الضغط لنقله إلى مستشفى مدني، لأن ظروف الاعتقال في سجن عيادة الرملة صعبة، حيث كان يواجه العزل في غرفة سريرها مليء بالبق ما يضطره للنوم على الأرض، كما أن زر الطوارئ موجود داخل المرحاض، وسيضطر للزحف للوصول إليه وتفعيله في حال حصل معه مكروه، والمراقبة الوحيدة الموجودة هناك كانت تتمثل في أن يقوم السجّان كل نصف ساعة بالتأكد إن كان لا يزال على قيد الحياة، وهذا الإجراء المتواصل كان يسبب له إزعاجا كبيراً ويحرمه من النوم".
وتتابع: "شرحت له وضعه الصعب للغاية وأنه في خطر محدق، فرد بأنه يتفهم خطورة حالته وأنه في حال فقد الوعي يريد إعطاءه العلاج اللازم ليستعيد وعيه فقط، لا يريد أكثر من ذلك، وهو لم يكن معنيا بالموت، هذا ما قاله، وأنه سيكمل الإضراب حتى نيل حريته لأن هذا هو مطلبه الأساسي".
وتشير الطبيبة قاسم إلى أن الشهيد خضر عدنان كان يتوقع الحصول على مساعدة طبية لإنقاذ الحياة، وتم الضغط على وزارة الصحة الإسرائيلية ليكون تحت إشراف الطواقم في المستشفيات المدنية، ولكن دون جدوى، فكانت هذه النتيجة المأساوية.
ونوهت إلى أن الشهيد كان يضع شروطا للتعاون مع الطواقم الطبية الإسرائيلية في المستشفيات، أولها أن يتم السماح لعائلته بزيارته، كما أنهم لم يمنحوا المؤسسات الحقوقية والطبية حق زيارته إلا ما ندر، كما أنه كان يطالب بالحفاظ على سرية ملفه كمريض وأن لا تنقل إلى إدارة السجون المعلومات الطبية عن وضعه الصحي إذا ما نقل للمستشفى، وكل ذلك لم يتم.
وتذكر أنه حين كان ينقل إلى مستشفيات مدنية بعد أن يطرأ تدهور على وضعه الصحي، تتم إعادته إلى سجن عيادة الرملة بعد وقت قصير، بحجة أنه لا يتعاون في أخذ عينات دم أو تخطيط قلب أو أي نوع من الفحوصات.
وشددت على أن هذا لا يشكّل مبررًا لإعادته إلى السجن، لأنه في حال فقد الوعي هو يريد الحصول على علاج ويريد إنقاذ حياته، ولذلك يجب أن يكون تحت إشراف طواقم طبية لمدة 24 ساعة في مستشفى مدني.
وتقول: "عمليا هم كانوا يقومون بتسريحه من المستشفى لكي يموت في السجن، وهذا يتناقض مع كل الأخلاقيات الطبية، فنحن كأطباء أقسمنا على إنقاذ البشر".
وفي المراحل المتأخرة من إضراب الشهيد خضر عدنان كانت إدارة السجون تعمل على تبرئة ساحتها من المصير الذي وصل إليه، وفي أحد اللقاءات التي عقدتها الدكتورة لينا قاسم مع مدير سجن عيادة الرملة، أكد الأخير أن المكان غير ملائم للتعامل مع شخص يخوض إضرابًا متواصلاً عن الطعام اقترب من إتمام شهره الثالث، ولكن في كل مرة يتم تحويله لمستشفى مدني يصدر قرارا بإعادته إلى العيادة.
وتعتقد قاسم أن هناك ارتباط مباشر بين الإضرابات الخمسة السابقة ومصير الشهادة الذي واجهه الأسير خضر عدنان، حيث أصيب بمضاعفات وخضع لعدة عمليات بعدها ليستعيد عافيته، وإدارة السجون ومن خلفها المستوى السياسي يدركان هذه الحقيقة ولم يتعاطيا معها بالطريقة اللازمة التي من شأنها حفظ حياة الأسير، وصولاً للنتيجة المرجوة منهم وتركه يواجه الموت.
وحول إمكانية وجود بصمات لما يسمى "وزير الأمن القومي" في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير في مسرح جريمة اغتيال الأسير خضر عدنان، قالت قاسم، إنه لا يمكن الجزم بأن قرار الإعدام صدر بشكل مباشر عنه، ولكن ذلك متوقع بدرجة كبيرة في ضوء تصريحات علانية أدلى بها عدة مرات انطلاقًا من حملته الانتخابية، وأعلن فيها نيته العمل على تغيير ما كان يسميها بالظروف الوردية التي يعيش فيها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال. كما أنه وضع خطة بشن حرب مباشرة على الأسرى وإنجازاتهم وتوعد في أكثر من مناسبة بتضييق الخناق على ظروف الاعتقال لتصبح أكثر سوءًا مما هي عليه.
المصدر: وكالة أنباء وفا
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها