د. اية العدم
الهوس القهري بنتف الشعر (اضطراب شد خصل الشعر)؛ هو عبارة عن اضطراب نفسي يتضمن الرغبة بشد الشعر بشكل متكرر لا يمكن مقاومتها، سواء شد شعر الحاجب أم شعر الرأس، أو أي منطقة أخرى في الجسم، ويعتبر اضطرابا من اضطرابات الصحة النفسية الشائعة، رغم أنه كان يندر أن يعرف كاضطراب نفسي مشخص. ومع ذلك تغير هذا الوضع في الوقت الراهن، وتم الاعتراف باضطراب هوس نتف الشعر Trichotillomania TTM)) كأحد الاضطرابات النفسية، يتصف الشخص المصاب به بالتوجه القهري وبصورة متكررة نحو نتف أو شد شعره، الأمر الذي يؤدي إلى تساقط شعره بصورة ملحوظة، بالإضافة إلى ما يصاحب ويقترن بذلك من متاعب وتأثيرات سلبية على أدائه الدراسي والاجتماعي والمهني.
والأمر الملاحظ لدى الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب أنهم استحوذوا رغبة وحافزا قهريا قويا على تكوينهم النفسي، ما يدفعهم بصورة دائمة ومتكررة إلى شد ونتف شعرهم، وكثير منهم يتعاملون مع هذا الاضطرابات على أنه "ليس مشكلة نفسية مشخصة أو لا يمثل اضطرابا نفسيا، إنما يعتبرونه مجرد عادة سلوكية سيئة. وتظهر لدى المصابين أعراض، من أهمها: نتف أو شد الشعر بشكل متكرر، وشعور متزايد بالتوتر قبل النتف أو أثناء النتف أو شد الشعر، والشعور بالسعادة بعد النتف، وفقدان ملحوظ في كثافة الشعر، وعض أو أكل أو اللعب بالشعر المنتوف، وحزن شديد نتيجة حدث معين سواء أكان عائليا أم بيئي، أو حتى في مجال العمل.
ولا يوجد سبب واضح للإصابة بهوس نتف أو شد الشعر، لكن من المحتمل أن تكون أسباب الإصابة بهوس نتف الشعر ناتجة عن مجموعة من العوامل الوراثية أو البيئة، كما هو محتمل بالنسبة للعديد من الاضطرابات المعقدة.
ومن الآثار السلبية على حياة الأشخاص المصابين باضطراب نتف الشعر ما يلي: الضيق الانفعالي؛حيث يكون هناك مشاعر الخجل من الذات والعار والتوتر والضيق والاستياء لدى العديد من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، وما يصاحب ذلك من انخفاض في تقدير الذات، وربما التعب واليأس والتوجه في بعضالأحيان نحو شرب الكحول وتعاطي العقاقير بسبب هذه الحالة. أما المتاعب الاجتماعية، فتتمثل في مشاعر الارتباك والحيرة والتردد بسبب فقدانهم لشعرهم وتساقطه، الأمر الذي قد يزيد من تجنبهم للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وربما فقدان فرص العمل، وتجنب العلاقات الودية خوفا من اكتشاف حالتهم الاضطرابية. كما أن هناك آثارا جسمية، أهمها الضرر أو التلف في الجلد والشعر، فتكرار نتف أو شد الشعر يسبب ندوبا وجروحا، وغير ذلك من أشكال الضرر عبر منطقة فروة الرأس، الأمر الذي يسبب العدوى الجلدية، وقد لا يتم استعاضة الجزء المفقود من الشعر مرة أخرى.
يبدو أن الدراسات البحثية على المستوى التدخلات لعلاج اضطراب هوس نتف الشعر محدودة مقارنة بالاضطرابات النفسية الأخرى، ومع ذلك يوجد بدائل علاجية قليلة في واقع الأمر يمكن استخدامها لمساعدة ذوي هذا الاضطراب في تقليل عادة جذب الشعر أو ربما التخلص منها نهائيا، وكمرشد نفسي وحسب الاطلاع والإلمام الشخصي بالنظرية المعرفية السلوكية فإن التخلي عن هذا السلوك يتم من خلال جلسات إرشادية متتالية من قبل المرشدين النفسيين، وأكد دراسات عديدة على فاعلية الإرشاد المعرفي السلوكي في التعامل مع هذا الاضطراب، فهويستهدف مساعدة الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب في التعرف إلى الاعتقادات والأفكار المشوهة واللاعقلانية المرتبطة بنتف أو شد الشعرواكتشافها؛وبينت دراسات عديدة في العام 2020: بوتيسي Bottisi، وأويميت Ouimet، وسيرياCerea ، وجرانزيول Granziol، وكاراروCarraro ، وسيكا Sica، وغيسي Ghisi، أن التدخلات العلاجية القائمة على الإرشاد المعرفي السلوكي هي تدخلات علاجية مفيدة في علاج اضطراب الهوس القهري بنتف الشعر، وهي تقدم من خلال عملية إرشادية ومرشد متخصص.
* دكتوراة الإرشاد التربوي والنفسي- جامعة القدس المفتوحة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها