معن الريماوي
استيقظ الأسرى في سجن "رامون" في إحدى الليالي على صوت أنين في الغرفة قادم من "البرش" الذي ينام عليه أنس، حيث كان يئنّ ألما.
حينها كان أنس يتقيأ دمًا، وغير قادر على تحمل ألم بطنه.
فارق النوم عين أنس تلك الليلة، وغيرها من الليالي، من شدة الوجع، فهذه ليست المرة الأولى، فقبل شهر ونصف، شعر بوجع رهيب في رأسه، يرافقه تقيؤ دم مستمر، على الفور أبلغ إدارة السجن بما طرأ على حالته، لكن دون جدوى، واستمرت الإدارة بالمماطلة وعدم الاكتراث لحالته، والاكتفاء بإعطائه مسكنات.
تفاقم الوضع الصحي للأسير أنس مسالمة من بلدة دورا جنوب الخليل، والمحكوم بالسجن مدى الحياة، وبات لا يستطيع النوم، أو الأكل بشكل طبيعي، عدا عن حالات الإغماء والدوخة، وفقدان الوزن.
بعد 25 يومًا من مماطلة إدارة السجن، تم إجراء فحص مخبري له، ليتبين وجود نتوءات في المعدة والقولون، تلا ذلك إجراء عملية جراحية له وإزالتها، لكن معاناة أنس لم تنته.
"خلال هذه الفترة، لم يعد أنس يقوى على النوم من شدة الألم، ولا يستطيع الأكل كالمعتاد، وفي معظم الحالات يتقيأ دما، إلى جانب آلام في بطنه، وحالات الدوخة والإغماء المستمر"، يقول شقيقه إياس.
قبل نحو أسبوعين، رضخت الإدارة لمطالب الأسرى بضرورة أخذ خزعة من أنس لتشخيص حالته الصحية، ومحاولة إيجاد حل ينهي معاناته، إلا أن إدارة السّجن لم تبلغه بنتائجها حتّى اليوم، الأمر الذي قد يؤثر عليه سلبًا.
لم يستطع إياس إكمال حديثه على الجانب الآخر من الهاتف، وهو يسرد تفاصيل وضع أنس الصحي. صمت برهة، ثم أكمل "نخشى أن يكون معه ورم في القولون أو في أمعائه، أو يحدث معه كما حدث مع الشهيد حسين مسالمة وهو أحد أقاربنا، حيث استشهد نتيجة الإهمال الطبي".
ويضيف: "نحن والعائلة نتابع حالته أولا بأول مع مؤسسات الأسرى، للوقوف على حيثيات وضعه الصحي، ونرتقب كل يوم خبرا جديدا عله يطفئ النار التي بداخلنا، وكل يوم تسألني والدتي إذا ما جد أي جديد، وتُلِحّ عليّ بالاتصال على نادي الأسير للتأكد إذا وصلهم شيء حول أنس".
"لم نعد ننام الليل، ودائما نفكر كيف وضعه الصحي الآن، كيف يعيش؟ هل يتألم؟ هل يأكل جيدًا؟.. عشرات الأسئلة التي تراود العائلة، خاصة وأني منعت من زيارته منذ عام، وتواصل سلطات الاحتلال حرمان والدي من الزيارة منذ 16 عاما، ووالدتي لا تستطيع بحكم وضعها الصحي وكبر سنها"، يقول إياس.
وتساءل عن سبب امتناع سلطات الاحتلال عن الإفصاح عن نتيجة الخزعة، و"كأنه يتلذذ في تعذيبنا".
وأردف أن "الحالة الصحية لأنس تختلف عن أي أسير آخر، حيث تعرض منذ كان عمره عشرة أعوام لإصابة في البطن برصاص الاحتلال، ولإصابة بعدة رصاصات لحظة اعتقاله في عام 2002 وذلك بزعم تنفيذه عملية في الداخل المحتل، ونتيجة لذلك عانى كثيرًا من أثر الإصابة، وسببت له مشاكل في شبكية عينه، وضعف نظره كثيرًا، عدا عن الالتهابات مكان الإصابة، ولذلك فإن أنس بحاجة لمتابعة صحية حثيثة".
ويتابع شقيقه: "قبل فترة تعب كثيرًا، خاصة عند النوم، وأخذ الأسرى يساعدونه على الأكل، والذهاب للحمام، وإعطائه مسكنات"، مؤكدا أنه رغم معاناة شقيقه، إلا أن لديه إرادة لا تلين أبدا.
والأسير أنس مسالمة (38 عاما)، من مواليد دورا جنوب الخليل، اعتقل في عام 2002 بتهمة تنفيذ عملية داخل أراضي عام 48، وكان يبلغ حينها 18 عاما، حيث أصيب بـ 4 رصاصات، وكانت هناك معلومات أنه استشهد، ولاحقًا تبين أنه يمكث في إحدى مستشفيات الاحتلال، وحكم بالسجن مدى الحياة.
وقبل عدة أيام، حذّر نادي الأسير من تدهور الوضع الصحي للأسير مسالمة، مؤكدا الحاجة لمتابعة حثيثة لحالته، ويقابل ذلك بمماطلة من إدارة السجون.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال 4780 أسيرًا، بينهم 600 أسير مريض، يتقدمهم الأسير وليد دقة (60 عاما)، المصاب بسرطان في النخاع الشوكي، والمعتقل منذ 38 عاما، والذي حذّرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم، من خطورة حالته الصحية بعد تعرضه لانتكاسة جديدة، حيث دخل مرحلة الخطر الحقيقي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها