المستوطنون مجرمون إرهابيون، وجيش الاحتلال ورؤوس السياسة في منظومة الاحتلال الصهيوني العنصري، يستخدمونهم، باعتبارهم في ذروة هرم المتعطشين لسفك دماء المواطنين الفلسطينيين، والأشد كراهية وعدائية ليس للشعب الفلسطيني وحسب، بل للإسرائيليين الداعين للسلام، والعاملين عليه.

ما زالت الهمجية كعقلية تحكم وتوجه سلوك المستوطنين، ليس لأنها الشرط الأساس ليكونوا أدوات لرؤوس المشروع الصهيوني القائم على أساس تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية ووطنه الأزلي، وطرده بقوة السلاح، واقتلاع جذوره الحضارية، وطمس كل ما يمت لهويته وشخصيته الحضارية التي تشهد عليها أرض فلسطين منذ فجر التاريخ، فالإرهاب والعنصرية عندهم متأصل وموروث يعكسونه يوميًا بجرائم وأفعال لو قيست بميزان الإنسانية لانفجر الميزان فورًا.

الشهيدان الشقيقان مهند ومحمد يوسف مطير أحدث الضحايا في سجل جرائم المستوطنين الهمجية، في طريق السفر العام ما بين نابلس ورام الله، بعد حاجز جيش الاحتلال الإسرائيلي في زعترة، حيث داهم مستوطن خالٍ من أدنى مقومات الإنسانية خمسة أشقاء وقفوا بجانب الطريق وفي المكان المخصص عند الحاجة لتبديل عجلات السيارات، فقتل عن عمد المواطنين محمد ومهند، فيما نجا الثلاثة ليكونوا شهودًا على جريمة قتل المواطنين الفلسطينيين بالجملة، ومضاعفة الأحزان في العائلة الفلسطينية، فالشابان قتلهما المستوطن عمدًا بسيارته، فيما جنود جيش الاحتلال قتلوا قبل أيام الشقيقين ظافر وجواد الريماوي عمدًا، ولكن بالرصاص الحي المباشر.

ما بين الجريمتين يكمن السر، فكلتاهما ارتكبتا بسلاح العدائية والعنصرية والإرهاب الهمجي، وهو أقوى من كل انواع ألأسلحة الفولاذية التي جربت مع الشعب الفلسطيني، الذي أثبت انعدام جدواها وتأثيرها، وتحديدًا في أجيال ما بعد النكبة سنة 1948، ونحن على يقين أن سلاحهم هذا سيرتد عليهم، بفضل صمود الشعب الفلسطيني وتجذره في أرض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، وبفضل قدرته على الكشف عن الوجه الحقيقي لهذه المنظومة الاستيطانية العنصرية الإجرامية المخالفة لمسار الإنسانية، والخارجة على القوانين الدولية والمواثيق والأعراف الأممية، فالنضال القانوني والدبلوماسي المتوازي مع مسارات المواجهة والمقاومة الشعبية المنسجمة مع الشرعية الدولية، ستجلب رؤوس المنظمة الساسة والعسكريين على حد سواء إلى قفص العدالة للمثول كمجرمين أمام محكمة الإنسانية العادلة التي ستنتصر لنفسها يومًا ما دام الشعب الفلسطيني واثقًا ومؤمنًا بحتمية انتصاره، فنحن وليس أحد غيرنا القادرون على نصب أعظم وأهم محكمة في التاريخ المعاصر، فخطر هذه المنظومة يتجاوز حدود فلسطين والوطن العربي والشرق الأوسط، ليبلغ بقاع العالم كافة، ذلك أنهم ما زالوا يؤدون ذات الوظيفة السلبية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي دفعت مجتمعات أوروبا للفظهم، وزادوا عليها الاحتلال والاستيطان والمجازر والقوانين العنصرية والإرهاب، وفعلوا كل ذلك لصالح مشاريع دول استعمارية كبرى.

أبادت منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية منذ إنشاء تنظيماتها المسلحة عائلات بأكلمها بما فيها أجنة في أرحام أمهاتهم، وفي الفيلم الروائي (فرحة) والوثائق الموجودة في أرشيف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وجرائم المنظمات اليهودية الصهيونية المسلحة، ودولة إسرائيل، أدلة قاطعة على قتلهم الرضع والنساء والشيوخ والآباء والأمهات أمام عيون أبنائهم، أما على الهواء مباشرة في زمن تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتواصل فقد مسحوا بصواريخ طائراتهم وقذائف مدفعياتهم أسماء العشرات من عائلة واحدة في إحدى جرائمهم الكبرى التي شنوها على قطاع غزة قبل حوالي عشر سنوات، وكلف قناص في قواتهم الخاصة باغتيال الصحفية الفلسطينية – الأميركية الجنسية أيضاً شيرين أبو عاقلة، فارتقت روحها التي ستبقى شاهدة ليس على المجرم الذي نفذ والمجرم الذي أمر بإطلاق النار وحسب، بل على الذي يوفر الحماية لهم ويحاول جاهدًا منع تطبيق مبدأ العدالة عليهم، ويعطل السبل المؤدية إلى محاسبتهم في الجنائية الدولية.

ما يحدث أن المنظمات الارهابية الاجرامية الإسرائيلية المسلحة تعود إلى الواجهة ولكن في مدجنة (دولة ناقصة) حسب القانون الدولي اسمها (إسرائيل)، تعود تحت اسماء جديدة مثل: جماعة (تدفيع الثمن) و(فتيان التلال) على سبيل المثال لا الحصر، ومثل الأحزاب التي تستتر بقناع مؤسسات هذه الدولة كـ (الكنيست) والمثال على ذلك حزب: (العظمة اليهودية) الذي يرأسه ايتمار بن غفير، وحزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش، فهؤلاء وغيرهم الكثير يعيدون سيرة الجريمة الأفظع في تاريخ الإنسانية الحديث، لكن سيعلمون يومًا أنهم يواجهون شعبًا عصيًا على الانكسار والخضوع أبدًا، وأنه مصمم على انتزاع حقه التاريخي الطبيعي مهما بلغت التضحيات.