فاطمة إبراهيم

التاسعة صباحا تشير ساعة روضة مخيم جنين للاجئين، أصوات صراخ وبكاء مستمر يسمع داخل صفوفها. فيما تحاول المعلمات الثلاث اقناع الأطفال الباكين أن ما يسمعونه هو صوت ألعاب نارية تطلق في زفة عرس قريب.

انه في الحقيقة صوت رصاص كثيف يطلقه جنود الاحتلال الاسرائيلي في شوارع وأزقة المخيم.

على أرض المخيم المشتعل منذ بداية العام، استشهد أربعة شبان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي التي انتشرت في حارات المخيم معززة بجرافات عسكرية وطائرات "اباتشي" وطائرات مسيرة.

"عملية عسكرية" في مخيم جنين كانت عنوانا للاقتحام الإسرائيلي صباح اليوم والذي استمر لأكثر من 4 ساعات حاصرت خلاله قوات الاحتلال الاسرائيلي منزلا في شارع مهيوب وسط المخيم وقصفته بصاروخ مضاد للدروع وقتلت شابين تواجدا داخله، هما عبد الرحمن خازم ومحمد براهمة.

وكانت مقاطع فيديو وصور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد جنود الاحتلال ينكل بجثة أحد الشهيدين ويكتب بالدم على جسده كلمة "النهاية" باللغة العبرية.

يقول والد الشهيد عبد الرحمن خازم الذي استشهد داخل المنزل "هذا الابن الثاني الذي يستشهد وهذا هو البيت الثاني الذي تهدمه لي اسرائيل، لكن ابنائي لم يموتوا هم شهداء ولم يهدموا سوى الحجارة".

بينما يقول أمين سر حركة فتح في جنين عطا أبو رميلة "إسرائيل قامت بعملية عسكرية كبيرة داخل المخيم، منذ وقت طويل لم تستخدم اسرائيل طائرات كما فعلت اليوم".

وبعد انسحاب قوات الاحتلال من محيط منزل عائلة خازم الذي قصفته بصاروخ، قتلت الشابين محمد أبو ونّة ومحمد أبو ناعسة.

"قتلوك يا محمد وحرقوا قلوبنا .. كان مفروض تطلع مع أختك العروس بكرة بس هيك اليوم انت العريس"، كانت شقيقة الشهيد الونّة تقول وهي تحمل حذاءه المصبوغ بدمه على مقربة من مكان استشهاده".

وبين أزقة المخيم الذي يسكنه قرابة 27 ألف نسمة، كانت مجندة (قناصة) الاحتلال تطلق رصاصها على كل ما يتحرك في الشارع، وهي الطريقة التي باتت تتبعها اسرائيل في الشهور الأخيرة بحسب مؤسسات إنسانية وحقوقيين.

يقول مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، إن "جيش الاحتلال يعطي الصلاحية لجنوده للضغط على الزناد واستخدام الأسلحة القاتلة، وهي سياسة صادقت عليها اسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر الماضي وتسمح لأي جندي بالقتل لمجرد إحساسه بأي خطر.

وكانت المؤسسه الحقوقية الإسرائيلية "بيتسيلم" قد وثقت استشهاد ستة فلسطينين قتلتهم قوات الاحتلال خلال نصف العام الحالي خلال عمليات اعتقال.

ويقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بيتسيلم" إن هذه الحالات من القتل لا تعتبر مخالفة للمعايير والقانون لدى قوات الاحتلال، بل هي سياسة تحظى بالدعم الكامل من كبار المسؤولين والمشرعين.