تقرير: يامن نوباني
قبل 22 عاما، نهار الـ 30 من أيلول/ سبتمبر 2000، اليوم الثالث لاندلاع الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" استشهد الطفل محمد جمال الدرة (12 عاما) في بث مباشر شاهده العالم.
لحظتها صرخ أحد المتواجدين "مات الولد برصاصة" فظلت تلك الكلمات تُسمع إلى الآن، كحدث مستمر وإن اختلفت الأسماء والأماكن والتفاصيل.
لم يشاهد أحد الطفل الدرة يومها، دون أن تعود إليها لحظات الوجع والغضب تلك، وإن امتدت بين الحدث واليوم كل تلك السنوات.
ففي شارع صلاح الدين، قرب مستوطنة "نيتساريم" الزائلة جنوب مدينة غزة، احتمى جمال الدرة وطفله محمد بحاجز "برميل" اسمنتي من طلقات كثيفة أطلقت من رشاشات جنود الاحتلال الإسرائيلي صوبهما، رغم التأكد حتى بالعين المجردة من أنهما مدنيان أعزلان.
التقط المشهد بواسطة المصوران: الفلسطيني طلال أبو رحمة، والمصور الفرنسي شارل إندورلان "مصور فرانس2".
"حاولت حماية محمد من الرصاص بجسدي، حتى أنني كنت أرفع كف يدي لتلقي الرصاص الذي أصاب ركبة محمد، وكانت تلك الطلقة الأولى التي تصيبه، لكنه ظل متماسكا، قبل أن أجد رأسه على قدمي اليمنى وفي ظهره فتحة كبيرة بعد إصابته في البطن الذي اخترقته عدة رصاصات". قال جمال الدرة.
يومها ولأكثر من شهر خرجت مسيرات وأقيمت اعتصامات في معظم الدول العربية والإسلامية، وفي العديد من الدول الغربية، استنكارا للجريمة، وتجولت صور محمد شهيداً في مختلف شوارع العالم وميادينه، قبل أن يصبح اسمه علماً واستشهاده أيقونة في انتفاضة الأقصى، وأطلقت على العديد من المدارس ورياض الأطفال والشوارع في فلسطين والعالم العربي اسم محمد الدرة، كشارع "ابن مالك" في القاهرة الذي تحول لشاعر محمد الدرة، ومستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال في غزة ومدرسة الشهيد محمد الدرة في خان يونس، واستاد محمد الدرة في مخيم النصيرات في غزة، وعلى دورة يوم الطفل العربي في تونس.
ولد محمد الدرة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، ودرس حتى الصف الخامس الابتدائي وعاش في كنف أسرة بسيطة لاجئة من مدينة الرملة، والده يعمل نجارًا ووالدته ربة منزل، لاحقًا بعد استشهاده رزقت عائلته بطفل أطلقت عليه اسم محمد تيمنًا بشقيقه.
وكان جمال الدرة خرج ذلك الصباح من منزله في مخيم البريج بقطاع غزة مع طفله محمد إلى مزاد للسيارات حتى يقتني واحدة، قبل أن يجد نفسه محاصرا تحت نيران جنود الاحتلال الاسرائيلي في شارع صلاح الدين.
منذ العام 2000 وحتى اليوم استشهد أكثر من 2230 طفل/ة، كان آخرهم الطفل ريان سليمان (7 أعوام)، أمس الخميس 29 أيلول/ سبتمبر، جراء سقوطه من علو، وتوقف قلبه، أثناء مطاردته من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها