أحيت وزارة الثقافة، مساء اليوم الأحد، الذكرى الخمسين لاستشهاد الأديب المناضل غسان كنفاني في مدينة رام الله.
وحضر فعالية إحياء الذكرى التي نظمتها وزارة الثقافة واللجنة الوطنية لإحياء الذكرى الخمسين لاستشهاد الأديب المناضل غسان كنفاني، في قصر رام الله الثقافي، رئيس الوزراء محمد اشتية، ووزير الثقافة عاطف أبو سيف، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اسحق سدر، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح"، إضافة إلى حشد من ممثلي الفعاليات الوطنية والمجتمعية والأدبية.
وقال د. اشتية، في كلمته: "نقول لغسان كنفاني إننا نطرق الخزان كل يوم وبكل ما لدينا من قوة، أمس الأول عبر السيد الرئيس عن موقفنا الثابت أثناء الاجتماع مع الرئيس الأميركي بايدن في بيت لحم، هذا الموقف الذي يصون حقوقنا وثوابتنا الوطنية في إنهاء الاحتلال، والحرية، والاستقلال، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين".
وأضاف: "لقد أوصل السيد الرئيس بثقة وأمانة رسالة وصوت الشعب الفلسطيني الصامد إلى الرئيس بايدن، فزيارته كانت مهمة، وكذلك الموقف العربي الراسخ من قضية فلسطين الذي تجلى في قمة جدة من خلال خطابات الملوك والأمراء والرؤساء العرب المشاركين فيها، الذين قالوا إن قضية فلسطين العادلة ستبقى مفتاحًا وشرطًا لأي سلام واستقرار في هذه المنطقة".
وتابع د. اشتية: "رؤية غسان الثورية لم تغرق في الأيدولوجية وظل بعيدا عن الشعاراتية منحازا للوحدة الوطنية، أدبه وفنه كان بمثابة سلاح الوعي الذي يشحذ به الهمم بعد النكبة، وكانت صرخته المدوية لماذا لم يطرقوا جدران الخزان بمثابة جرس الإنذار للبقاء في كامل اليقظة وعدم الاستسلام للواقع ورفض الموت بصمت".
وأضاف: "روايات غسان من عائد إلى حيفا، وما تبقى لكم، وأرض البرتقال الحزين، وأم سعد، ورجال في الشمس، شكلت وعيًا لنا وللأجيال التي عاشت مرحلة المد الثوري، ووثقت رحلة التشتت والشتات بعد نكبة فلسطين".
واستطرد: "كان اغتيال غسان كنفاني مؤلمًا وصادمًا، فاغتيال المفكرين والكتاب هو اغتيال للأمة، لكنه ظل حيًا بما تركه من إرث أدبي وصحفي وحضور وطني، في ذكرى غسان نردد ما قاله شاعرنا الكبير محمود درويش في وداعه طوبى للجسد الذي يتناثر مدنا، ونضيف يشعل أملا متوهجا في قلوب الأجيال المتعاقبة التي لم يسقط الوطن من ذاكرتها المشتعلة بحق العودة إلى فلسطين".
واختتم رئيس الوزراء كلمته: "أمامنا خيار واحد وهو الصمود والصمود المقاوم، نحن رجال ونساء في الشمس في جبال بيتا وبرقة وكفر قدوم، ونحن برقوق وبرتقال فلسطين على الأشجار التي تبقى واقفة، وقد يكون العالم اليوم ليس لنا، ولكن هذا الوطن لنا دائمًا، كل النساء أم سعد، وكل الرجال أبو العبد، في فلسطين لا يوجد نصب تذكاري للجندي المجهول فشهداؤنا كما غسان كنفاني نعرفهم ونعرف أمهاتهم وأولادهم وكذلك الأسرى نحفظ أسماءهم الرباعية".
من جانبه، قال الوزير أبو سيف إنه بإيعاز من رئيس الوزراء تم تشكيل اللجنة الوطنية لإحياء الذكرى الـ 50 لاستشهاد الأديب غسان كنفاني، والذي يتزامن مع إطلاق ملتقى الرواية العربية في فلسطين بدورته الخامسة كجزء مركزي من عمل اللجنة، الذي أقرته الحكومة قبل خمس سنوات في ذكرى استشهاد كنفاني.
وأضاف أبو سيف أن الحكومة عملت بتوجيهات سيادة الرئيس محمود عباس وتعليمات رئيس الوزراء محمد اشتية على إطلاق برنامج شامل للحفاظ على الرواية الفلسطينية وصون وتعميم وترويج السردية الوطنية حول فلسطين وشعبها، بما يشمل عدة مجالات منها استعادة الموروث الثقافي كإعادة طباعة 50 كتابًا طبعت قبل النكبة، إضافة لتطوير المحتوى الرقمي وأرشفة الثقافة الوطنية الفلسطينية قبل النكبة وبعدها.
من جهته، قال الوزير سدر إن هذا اليوم يمثل تخليدًا لذكرى المناضل الفلسطيني غسان كنفاني، الذي قال: "ليس من المهم أن يموت الإنسان قبل أن يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت".
وأضاف أن الراحل كنفاني استطاع أن يحفر في الذاكرة الفلسطينية فكرة وطنية نقية متأصلة في الأرض، فكرةٌ لا تُنسى، تتناقلها الأجيال، ويخطها التاريخ، وتشهدها القضية.
وتابع أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعلن وفي هذا اليوم عن إطلاق طابع بريدي في ذكرى الاغتيال الخمسين لأديب المقاومة غسان كنفاني، إيمانا بأن الطابع البريدي سبيلٌ للحفظ والتوثيق، وأداةٌ للنقل عبر التاريخ والحدود، يحمل فكرة تؤرخ على مدار عمل البريد الفلسطيني.
وتخلل فعالية إحياء الذكرى الإعلان عن الرواية الفائزة في جائزة غسان كنفاني للرواية العربية في دورتها الأولى عام 2022، وهي رواية "قماش أسود" لأديب المغيرة الهويدي من سوريا، كما تم الإعلان عن الفائز بدرع غسان كنفاني للرواية العربية للعام 2022، وهو الروائي السوري حيدر حيدر.
وقالت رئيسة جائزة غسان كنفاني للرواية العربية الدكتورة رزان إبراهيم إن جائزة غسان كنفاني للرواية العربية كانت حريصة على السير على خطى غسان في انحيازها لرواية نجحت في تمرير الفكرة والمعنى دون التجني على القيمة الفنية، وأنها تحمل في انطلاقتها الأولى دعوة للكتاب في مختلف الأقطار العربية إلى سد الفراغ الذي يتصور الأعداء أنهم قد خلقوه بغياب غسان كنفاني، وأنها فوق هذا كله اعتراف بما قدمه كنفاني في فترة زمنية وإن قصرت.
وعبرت آني هوفر، زوجة غسان كنفاني، بالنيابة عن عائلته ومؤسسة غسان كنفاني، عن تقديرها لسيادة الرئيس محمود عباس، ووزير الثقافة، على قرار اللجنة الوطنية الفلسطينية تكريم كنفاني في ذكراه الـ 50، وتخصيص جائزة باسمه للرواية العربية.
من ناحيته، قال الكاتب محمود شقير إن لقاء اليوم يأتي احتفاء بذكرى غسان في الدورة الخامسة لملتقى فلسطين للرواية العربية، وعبر أنشطة ثقافية أخرى من بينها جائزة غسان كنفاني للرواية، الجائزة التي تحمل بجدارة اسم الراحل الكبير الذي ما زال في سماء فلسطين وفي سماوات أخرى عديدة، وسيظل نجمه ساطعًا.
وأضاف: في هذا اليوم نستذكر كنفاني وكم كان تأثيره على جيل مجلة "الأفق الجديد" المقدسية الذي بدأ الكتابة أوائل ستينيات القرن العشرين، وظهر منه شعراء وقاصون ونقاد، كانوا وما زالوا على درب الأدب، غير أن رواية غسان الأولى "رجال في الشمس" ظلت تحرضهم على كتابة السرد بعد تأثرهم بها وبقصصه المتميزة التي ظهرت في "موت سرير رقم 12"، وفي "أرض البرتقال الحزين".
واختتمت فعاليات إحياء الذكرى بعرض دبكة شعبية لفرقة الفنون الشعبية، ونص الشاعر الراحل محمود درويش في رثاء كنفاني ألقاه الفنان محمد البكري، إضافة إلى عرض مسرحي لجمعية المسرح الشعبي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها