سنترك خيبة إسرائيل جانباً، إذ هي بعد أربعة وسبعين عامًا من استعراضات القوة وغطرستها، لم تستطع أن تخرج مسيرة لمستوطنيها في القدس المحتلة، دون أن تحيطها لحمايتها بحشود من جيشها، وشرطتها، وقواتها الأمنية، بل إن ما أقدمت عليه إسرائيل "بينيت" يوم أمس الأول، كان على نحو بالغ الوضوح احتلالاً جديدًا للعاصمة الفلسطينية، لمجرد تسيير علمها في بعض شوارعها، وفي هذا اعتراف صريح منها بأنها ليست غير قوة محتلة للمدينة المقدسة .
خرج علم إسرائيل محاصرًا بهوس حكومته وأوهامها، فيما علم فلسطين كان يحلق في سماء عاصمته، مرفرفا بأوضح دلالات التحدي، ومؤكدًا أن لا علم سواه سيكون محلقًا في هذه السماء، ولهذا، ومرة أخرى، سنترك خيبة إسرائيل هذه جانبًا، فثمة خيبة أخرى لا ينبغي تجاهلها، وهذه هي خيبة أكاذيب الشعارات الحمساوية، وقد ترهلت بعد أن لم تترك لها إسرائيل "بينيت" أية مساحيق تجميلية، وهي تؤكد أن التفاهمات ستظل أقوى بحقيقتها من الشعارات وأكاذيبها .
1111 كذبة تكشفت، وتهاوت، حين شوارع القدس كانت تشهد تجليات المقاومة الشعبية، بفرسانها من أهل المدينة المقدسة، وكوادر حركة "فتح" الذين كانت قوات الاحتلال تطاردهم فردًا فردًا، وتعتقل العديد منهم، وهذه هي الحقيقة وحدها، بلا أية خطابات استعراضية، ولا أية ادعاءات صاروخية .
ولهذا العدد (1111) حكاية سنوارية إن صح التعبير، حكاية التباهي والاستعراضات العنترية، التي ظن صاحبها أن الصراخ بالجمل الحماسية، له فعل عدد الصواريخ التي قال إنها جاهزة للرد على أية انتهاكات إسرائيلية للمسجد الأقصى..!!
والحقيقة في هذا الإطار هل تعقل السنوار حين رأى أن الحديدة باتت حامية، ليبتلع صواريخه الـ 1111 أم أن الواقع يتعلق أولاً وأخيرًا بالتفاهمات، لأجل مزيد من التسهيلات، التي تتطلع لها حركة حماس، وقد أظهرت التزامها الصارم هذه المرة بتلك التفاهمات، حين نشرت يوم أمس الأول مليشياتها على حدود القطاع المكلوم، لمنع أي عمل عسكري ضد قوات الاحتلال ..!!
والحقيقة أيضًا، وبموضوعية وفي هذا الإطار كذلك، وبقدر ما كنا على يقين بأن السنوار يتباهى، ويدعي، ويستعرض، وأن التفاهمات هي الأبقى في حسابات حركته الحمساوية، بقدر ما أسعدنا بلع السنوار لصواريخه، لأن حرباً عدوانية إسرائيلية أخرى على القطاع المكلوم، تعني مزيدًا من التدمير والخراب والضحايا الأبرياء، وإذا صح التقدير فإن صواريخ السنوار قد قصفت أخيرًا أهل القطاع ذاتهم، بعد أن اتضح أنها مجرد أكاذيب استعراضية، ولم تكن تستهدف غير إحكام قبضة حماس السلطوية عللى القطاع المكلوم وأهله، يبقى ان نقول تذكروا هذا العدد (1111) إنه عدد الوهم والأكاذيب.
*المصدر: الحياة الجديدة*
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها