موعدنا اليوم الأحد، مع مسيرة الأعلام الإسرائيلية، من ذا يسقط أولاً، إسرائيل كدولة أم السياسيون في إسرائيل الذين يتصرفون باستهتار، وبنوع من الادعاءات التافهة، وكأن إحضار مئات من المستوطنين الإسرائيليين وتحميلهم أعلامًا إسرائيلية، والتلويح بها بشكل استفزازي هو غاية المنى والانتصار الكبير الذي تطمح له النخب الإسرائيلية التي أمامها تحدٍ وجودي متمثل بالفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب، وفي المدن المختلطة في عكا وحيفا ويافا واللد والرملة وفي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، إسرائيل ومجموعاتها الحزبية التي تشكل منها الائتلاف المكون للحكومة، هؤلاء يبدو أنهم أقل فهما للمشهد الكامل، لا أعرف حجم وشكل الرد الذي سيرده الفلسطينيون على مسيرة الأعلام، ولكن واضح أن الخبرات المكتسبة من معارك سابقة، أثبتت للقاصي والداني أن إسرائيل كلها أمام لحظة انكشاف وجودي، وأن المعارك التي خاضها الفلسطينيون، في العام الحالي، والعام السابق تبشر أن إسرائيل عليها أن تختار أدق الحسابات وليس الأكاذيب الملونة، ورغم أن حلفاء إسرائيل يقدمون لها غطاءات مجانية، ولكن هذه الغطاءات المجانية لا تحل مأزق إسرائيل الوجودي، وقلب البكرة، لا يفيد، فالإتيان بفرسان الماضي، نتنياهو بدأ في لملمة نفسه للمجيء بدلاً من بينيت، هل هذا هو الحل؟ لا طبعاً، وأهم قرار يجب أن تنجزه النخب السياسية والحزبية هو الاعتراف الشامل والكامل بأن الشعب الفلسطيني المطرود من وطنه منذ النكبة عام 1948، هو المشكلة الحقيقية التي تواجهها إسرائيل، وهي مشكلة عميقة جداً وممتدة جداً، وهؤلاء المستوطنون الذين يلعب بهم السياسيون الإسرائيليون، والتصرف المليء بالعربدة والتظاهر بالقوة، هو أكذوبة كبرى، ولقد تحاشت إسرائيل عقوداً من الزمن وهي تتدعي أنه لا يوجد شريك فلسطيني، هذه أكذوبة ملونة لا يصدقها أحد حتى أميركا لا تصدقها، فأميركا تعرف أن الشريك الفلسطيني، هو شريك في الحياة، وهو شريك في الإنجازات الكبرى، اما الشريك الاسرائيلي الفاقد للحضور والمصداقية، لا يستطيع الحياة بدون إرادة الفلسطينيين فأينما تهرب إسرائيل تجد الفلسطيني يلاحقها، وتجد الفلسطيني يكشفها.

حاولت إسرائيل في الأيام الماضية، بث نوع من الدعاية الزائفة كالقول إن مسيرة الأعلام لن تكون أكثر من سابقاتها عددًا، أعذار غير مقنعة وغير محترمة، وإذا كانت المعركة بين يمينا وليكود نتنياهو تتلخص كلها في عمل مسيرة وحشد زخم إعلامي لها، فإن الذين سيرقصون في هذا الاحتفال المزور، وهو مسيرة الأعلام، له امتدادات عميقة، حاذروا، فالرصاص في بيت النار، والأصابع ثابتة على الزناد، إياكم أيها الإسرائيليون أن تكذبوا وتدعوا أننا لم نقل لكم، وإن غداً لناظره لقريب.

المصدر: الحياة الجديدة