لا تخشى منظومة الفصل العنصري المسماة (إسرائيل) ردود الفعل على جرائمها ضد الإنسانية، من أي جهة كانت، فدولة الإرهاب، و"العدو الأول للصحافة" كما صنفها الاتحاد الدولي للصحفيين، ليس في قاموس عملياتها العدوانية الإجرامية الإرهابية إلا (القتل العمد) المخطط له سلفًا والممنهج، أما القتل الخطأ فمحذوف من كراس أخلاقيات جيش المنظومة الصهيونية الإرهابي الذي كان ومازال نموذجًا لجيوش دول دكتاتورية مستترة بالديمقراطية، أسست كيانات سياسية، تحكمها وتوجهها لخدمة أهدافه، فدولة الإرهاب المسماة "إسرائيل" هي في الحقيقة دولة الجيش الذي نشأ من تركيبة التنظيمات الصهيونية الإرهابية الحافل سجلها بالجرائم ضد المواطنين الفلسطينيين أهل البلاد الأصليين، وما الصحفية شيرين أبو عاقلة إلا فلسطينية ريادية في مهمتها الإنسانية والمعرفية، رأى رؤوس المنظومة الإرهابية العسكريون ضرورة إزاحتها إلى الأبد من مشهد الصراع، فالصحفية المشهود لها بالنزاهة المهنية، والانتماء الوطني شيرين أبو عاقلة المقدسية الحاضرة في كل لحظة من زمن ووقائع صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الشعبية في القدس وفي الشيخ جراح، وفي كل بقعة من أرض الوطن شهدت وتشهد الصراع بين الحق الفلسطيني التاريخي والطبيعي، والباطل الصهيوني الإسرائيلي الإجرامي الإرهابي، قرر الغزاة إطفاء منارة بصيرتها الفلسطينية، وتغييب رسول الحقيقة من واقع الحياة الدنيا، عند مدخل يؤدي إلى مخيم جنين، فيما الفاصل بين ذكرى النكبة الـ74 والمخيم بضعة أيام فقط!!! فهل كانت هذه الجريمة مصادفة؟!.

انفجرت الرصاصة التي أطلقها قناص في جيش منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري الإسرائيلي برأس الزميلة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، لكننا على يقين أن الهدف الأبعد لقيادتيه العسكرية والسياسية كان رأس القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، وبصيرة الرأي العام العالمي التي أخذت تتلمس حقيقة هذه المنظومة، وتدرك خطورتها على القيم الإنسانية، والأمن والاستقرار في أهم منطقة حضارية حيوية في العالم، أما رئيس حكومة منظومة الاحتلال الإسرائيلية العنصرية نفتالي بينيت فبات هو المتهم الأول في جريمة حرب وضد الإنسانية سنكون شركاء فيها، إن سمحنا بمرورها كسابقاتها من الجرائم دون محاسبة حقيقية فعلية من المنظمات الدولية وعلى رأسها الجنائية الدولية، رغم إيماننا أن شهداء الصحافة وشهداء الشعب الفلسطيني ضحايا مشروع صهيوني استعماري عنصري إرهابي على أرضنا، فنحن نرى في قتل الصحفية أبو عاقلة في هذه اللحظات بالذات تحديًا مرفوعًا على الغطرسة والاستكبار، حتى أننا نكاد نسمع رئيس المنظومة العنصرية الإرهابية نفتالي بينيت ولسان حاله ينطق في اللحظة التي قتل جنوده المجرمون الصحفية الزميلة شيرين أبو عاقلة: سنقتلكم، صغيركم قبل كبيركم، سنقتل بناتكم ونساءكم، أطفالكم وشبابكم وكهولكم، سنقتل روايتكم ومن يحكيها بالحق، سنقتل رسل الحقيقة منكم ومن أبناء جلدتكم أو من أي عرق أو جنسية أو عقيدة كانوا، سنقتلهم ما داموا ينتصرون لروايتكم، وما داموا لا يخضعون لنفوذنا ومشيئتنا ودعايتنا.. فالصحفية شيرين ليست هدفنا الأول ولن تكون الأخير، فكلكم بالنسبة لنا ومن يتبنى روايتكم في مرمى نيراننا!.

قد تكون الرصاصة التي قدر لها إرهابيو (إسرائيل) تفجير رأس الصحفية شيرين أبو عاقلة (الضحية) بمثابة طلقة إنذار أخيرة ليستفيق العالم من سباته، ليكف عن الكيل بمكيالين، ويسترجع كرامته المهدورة تحت جنازير دبابات جيش الاحتلال والمستوطنين، وليدرك أولاً وأخيرًا أن حكومة بينيت تتخذ من اغتيال وقتل المدنيين الفلسطينيين والصحفيين منهم ومن جنسيات أخرى طقوسًا دموية يومية، وإن هذه الدولة الخارجة على القانون لم تعد مجرد العدو رقم واحد للصحافة في العالم، وإنما العدو رقم واحد للإنسانية كلها وتطلعاتها نحو السلام والتعايش بين الشعوب.

اليوم الخميس يودع رئيس السلام، السيد الرئيس الإنسان محمود عباس أبو مازن رسولاً من رسل الحقيقة الفلسطينية الأزلية، يودع الصحفية شيرين أبو عاقلة بمراسم وبموكب يليق باسمها ورسالتها السامية، فصاحب الرؤى النبيلة، سيادة الرئيس الذي يكتب للتاريخ يدرك قيمة الصحفي الذي يدفع حياته ثمنًا لتدوين صفحة في كتاب تاريخ كفاح ونضال وصمود الشعب الفلسطيني المفتوح، وحياته على أرض التي ابتدأت منذ بزوغ فجر البشرية وحتى اليوم وما بينهما من طبقات الحضارات الإنسانية المتتالية.. تمنت رؤية علم فلسطين تحت قبة سماء القدس الحرة المستقلة وبثه للعالم كسبق صحفي، أما وقد قتلوك وروحك مفعمة بروح المحبة والسلام كما كرسها المسيح عيسى عليه السلام، فإن روحك ستكون معنا إن حيينا أو مع أبنائنا لنؤكد للعالم روايتك الفلسطينية (روايتنا الحق) الصادقة غير القابلة للطعن أو التشكيك.. فلروحك السلام يا شيرين ولك منا الوفاء بالثبات على العهد.

 

المصدر: الحياة الجديدة