أثارت تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل، انتباهًا شديدًا لدى الفلسطينيين على اعتبار أنها تعبر عن رؤية جديدة لدى الإدارة الأميركية تجاه المكونات الأساسية للقضية الفلسطينية وأبرزها غول الاستيطان الصهيوني الذي هو المكون الأول لإسرائيل منذ إنشائها ووقوع النكبة الفلسطينية عام  1948.

ويذكر العالم كله أن محادثات السلام بيننا وبين الإسرائيليين التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي بل كلينتون والتي أقيم لها أكبر احتفال في حديقة البيت الأبيض قد انتهى بها الأمرالفشل لأسباب رئيسية كثيرة أهمها استمرار غول الاستيطان الإسرائيلي في التهام الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة حسب القرارات الدولية، فلا يكاد يمر يوم دون أن ترى أبشع المظاهر والتداعيات لهذا الاستيطان الصهيوني العدواني الشديد القذارة والعدوان، لأن هذا الاستيطان قائم على محض خرافة تقول إن هؤلاء المستوطنين الصهاينة ليسوا محتلين على الإطلاق بل عائدون إلى أرضهم القديمة، وكانت رشوتهم إلى قوى ودول المسيحية الصهيونية أن التعجيل في عودة هؤلاء الصهاينة إلى وطنهم القديم المزعوم، سيعجل في عودة المسيح إلى الأرض ثانية.

السفير الأميركي الحالي لدى إسرائيل قال في الأيام الأخيرة تصريحات شجاعة، مرّ وقت أميركي طويل قبل أن نسمع مثيلاً لها، فهو أدان الاستيطان بأوضح لغة، وحذّر من أنه في حال استمراره فسيلغي حل الدولتين.

و بمقارنة هذا الكلام مع اللغة التي كان يتحدث بها السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل في عهد إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، فإن الفرق يشابه الانقلاب، فالسفير السابق ديفيد فريدمان كان يصف نفسه وهو منتفخ الأوداج بأنه مستوطن، وقد نشرت وسائل الإعلام صورته على نطاق واسع وهو يحمل في يده مطرقة كبيرة، ويشارك في تحطيم جدار داخل مدينة القدس الشرقية المحتلة، محاولاً فتح نفق في القدس بحثاً عن إثبات لأكاذيبهم بأنهم كانوا هنا سابقاً، ولكن كل محاولاتهم الأركيولوجية "الآثارية" التي حفروها في المدينة وحولها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنهم مجرد كاذبين ليس إلا، وأن الشعب الفلسطيني يلاحقهم دون توقف برغم ضخامة الدعم المبالغ فيه من أميركا وغير أميركا.

التصريحات الأخيرة للسفير الأميركي لدى إسرائيل, ليست قليلة، بل هي صرخة، وهو نجاح فلسطيني كبير، وعودة أميركية مأمولة إلى جانب الحق الفلسطيني، وهو حق مقدس لا نذرف من أجله الدموع وإنما نذرف من أجله الدماء، ويا أهلاً بثورة الدماء.

المصدر: الحياة الجديدة