ثمة حكمة صينية تقول "الإنسان النبيل، متواضع في كلامه، لكنه جريء بأفعاله، والرجل الوضيع، كلامه جريء، وأفعاله متواضعة" وبمعنى وضيعة ليس إلا.

مثل هذا الكائن الوضيع، ولن نسميه رجلاً، بات هذه الأيام كثيرًا على العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، بجرأة الأحمق الوضيع، يحرم، ويحلل، يقرر، ويحكم، وبسقط الكلام، لا بسواه...!! الأخطر حين يجعل هذا الكائن من صفحات التواصل الاجتماعي، أفخاخا لاصطياد فرائس العواطف الملتهبة، ومن ثم تهديدها بالفضيحة، لأجل ابتزازها ماليًا، وعلى نحو جنائي تمامًا، فانتبه العالم لذلك، فشرع قانونا لمحاربة الجرائم الإلكترونية، الأكثر خطورة حين تنظم أعمال هذا الكائن في دوائر المخابرات المعادية، لا لنشر الشائعات والتلفيقات الخبرية فحسب، وإنما لإسقاط تلك الفرائس في شباك هذه الدوائر أيضًا، والنتيجة تخليق المزيد من الكائنات الوضيعة خدمة لغايات هذه الدوائر المعادية التي لا تريد من المجتمع الذي تحاربه، سوى أن يكون مجتمع التفكك والانحلال، دون أية مرجعيات من أي مستوى كان، وأية تسمية كانت.

ما يحمينا حتى الآن من هذه الجائحة أن تستفحل، أن مجتمعنا الفلسطيني ذو قيم أخلاقية رفيعة المستوى، وراسخة في العقل والوجدان، كمثل قناديل مقدسة تضيء لنا دروب الحياة في علاقاتنا الاجتماعية، غير أن مخاطر جائحة الكائنات الوضيعة، تظل راهنة وممكنة، ما لم ننتبه لذلك بموقف، ورؤية، وسياسة، وقانون، وعلى نحو تربوي تمامًا، في مختلف المسالك التربوية، المنزلية العائلية، والمدرسية بمختلف مراحلها، والإعلامية بمختلف وسائلها.

لا نتطلع لهذه الانتباهة بالغة الضرورة من أجل أن نواصل المضي في دروب مشروعنا الوطني التحرري، على أكمل وجه ممكن فقط، وانما لأننا نسعى أن يطلق مجتمعنا الذي يوصف بأنه مجتمع فتي، بحكم اتساع نسبة الشباب فيه، طاقاته الخلاقة في دروب البناء والتحضر المعرفي، وهذا ما يقتضي عدم الانجرار وراء ثرثرة الكائن الوضيع على صفحات التواصل الاجتماعي، ونعرف أن الكثير من شبابنا وشاباتنا قد جعلوا من هذه الصفحات، منصات للإبداع والتنور، وما نحذر منه هو فقط أحابيل الكائن الوضيع، هذا الذي لا نشك أنه الرويبضة، الذي حذر منه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والذي أوضح حين الصحابة سألوه ومن هو الرويبضة يا رسول الله، قال: هو الرجل التافه الذي يتحدث بأمور العامة...!!

المصدر: الحياة الجديدة