فجر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب اعتمالاته النفسية، وما حمله من ضغينة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو عندما صرح في لقائه مع باراك رافيد، المحلل السياسي في موقع "واللا" العبري للترويج لكتابه الجديد بعنوان "سلام ترامب: اتفاقيات ابراهام والانقلاب في الشرق الأوسط." ونشر في يوم السبت الماضي الموافق 11 كانون اول / ديسمبر الحالي، ان نتنياهو تعامل معه بخفه، وعدم مسؤولية، وبخلفية نفعية، ولم يكن وفياً لما قدمه له من خدمات سياسية ومالية وعسكرية طيلة فترة ولايته من مطلع 2017 حتى مطلع 2021، وكان من أوائل من وجه طعنة له في الظهر، عندما بادر قبل الجميع بتقديم التهاني بفوز غريمه ومنافسه الديمقراطي، الرئيس جو بايدن، ولم ينتظر قليلاً حتى يتبين النتائج النهائية، لا سيما واني كنت مشككاً في نزاهة الانتخابات. وأضاف أن الروس والصينيين لم يتسرعوا في تقديم التهاني لخصمة كما فعل رئيس وزراء إسرائيل السابق. 

وعلى صعيد التسوية السياسية وصفقة القرن، قال بشكل لا يحتمل الالتباس، ان احد أسباب عدم نجاحه في تحقيق "صفقة القرن" بين إسرائيل والفلسطينيين، هو رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، "لم يرغب ابداً" في تحقيق السلام مع الفلسطينيين. وأضاف أن "نتنياهو ليس جادًا بشأن حل الولتين، ولا اعتقد أن بيبي أراد في يوم من الأيام تحقيق السلام مع الفلسطينيين، اعتقد انه خدعنا." وتابع يقول، إنه ادرك في وقت مبكر من رئاسته، أن نتنياهو يمثل العقبة الأكبر أمام تحقيق السلام". 

وحول المقارنة بين سيادة الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نتنياهو، قال ترامب، إن عباس "كان رائعًا"، مشيرًا إلى أنهما عقدا "اجتماعات رائعة" وأضاف "لقد كان مثل الأب بالنسبة لي، لم يكن بامكانه أن يكون أجمل، اعتقد أنه كان يريد التوصل لصفقة اكثر من نتنياهو." وفي السياق عبر الرئيس الجمهوري السابق عن موقفه من ضم المناطق في المنطقة(C) قائلاً، أن ادارته عبرت عن عدم رضاها عن مقترح نتنياهو بالاستيلاء والضم لأراضي مناطق (C) الفلسطينية. وخلص صاحب صفقة القرن المشؤومة عن رفض نتنياهو للصفقة ذاتها، عندما رد قائلاً "إن نتنياهو لم يرغب في عقد صفقة، حتى عندما احضرنا الخرائط وتفاصيل الصفقة، كل ما قاله "هذا جيد"، لا اعرف اذا كان لا يريد صفقة لأسباب سياسية أو لأسباب أخرى".

من المؤسف أن الرؤساء والوزراء والقادة الأميركيين لا يعترفون بالحقائق بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا بعد مغادرتهم مواقعهم، ومنهم الرئيس الأسبق كارتر وغيره، وهذا الافنجليكاني أبو صفقة العار والشؤوم يعترف بملىء الفم، ان نتنياهو الذي فصل مع مستشاريه من كوشنير لغرينبلات وللسفير الحاخام المستوطن فريدمان تفاصيل الصفقة لم يعرها اهتماما، ولم يقبل بها. وكان لديه الادراك من البداية برفض خيار السلام، وإذا كان الأمر كذلك على أي أساس اصريت وادارتك على فرض التطبيع المجاني على العرب، واصريت على تنفيذ الصفقة وفرضها على الفلسطينيين، مع أنك تعترف أن  سيادة الرئيس عباس "كان رائعًا"، وكان يريد السلام المقبول وفقًا لقرارات الشرعية الدولية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؟ ولماذا لم توقف اجراءاتك وحصارك غير المبرر للسلطة ولموازنتها وممثليتها في واشنطن؟ ولماذا لاحقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وفرضت الحصار المالي عليها؟ ولماذا نقلت السفارة الى الأميركية الى القدس العاصمة الفلسطينية؟ ألف سؤال وسؤال يطرح عليك وعلى إدارتك المتصهينة. 

ورغم غزلك الباهت والمفضوح للصهاينة في إسرائيل وفي الولايات المتحدة، إلآ انهم اداروا الظهر لك، وكما ذكرت انت، لم يكونوا أوفياء بمن فيهم وعلى رأسهم ذلك الحاوي الكاذب والفاسد نتنياهو، واضعت فرصة دخولك التاريخ من أوسع ابوابه لو انك مضيت قدما في فرض خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران. لكنك أبيت إلا أن تكون لعبة في أيديهم، يضحكون عليك، ويسخرون منك، ويعتبرونك أبله. 

لعل اعتراف الرئيس ترامب بمآسيه مع نتنياهو ومع دولة إسرائيل يشكل درسًا للرئيس بايدن ليستفيد منه، ويتذكر أيضًا وأيضًا درس الرئيس أوباما، وما جرى معه من نتنياهو وغير زعيم الليكود، لأن أمر بينت لن يكون أقل سوءاً وفجورًا من رئيس الوزراء السابق. وهل يدرك الأميركيون الرسميون أن نخب إسرائيل الاستعمارية القيادية جميعها لا تريد السلام ما لم يفرض عليها عبر الزامهم بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2334؟ وأميركا هي الاقدر لفرض السلام

المصدر: الحياة الجديدة