كلما حلت بِحركة حماس مصيبة من عمل يديها، صاحت وبدون أي تروٍ، وقبل أي تفحص وتحقيق، أنها «سلطة رام الله»..!!! نتحدث عن انفجار مخزن أسلحتها وذخائرها الذي كان في أحد مساجد مخيم البرج الشمالي في صور اللبنانية، وعما جرى من توتر أمني واطلاق النار خلال تشييع جنازة المهندس حمزة إبراهيم شاهين، الذي قضى في الانفجار ما أسفر عن سقوط أربع ضحايا خلال ذلك، وهذا ما أثار وما زال يثير قلقًا متزايدًا على أمن وسلامة لا مخيم البرج الشمالي وسكانه فحسب، وإنما على أمن وسلامة كل المخيمات الفلسطينية وسكانها في لبنان.
قبل أن يجف دم الضحايا الذين نحسبهم عند الله شهداء، اتهمت حركة حماس السلطة الوطنية أنها  وراء كل ذلك ...!! في الوقت الذي فرضت فيه طوقًا أمنيًا من حول المسجد الذي تفجر، ومنعت الصحفيين من الاقتراب منه، لمنع أي تحقيق موضوعي يبين سبب الانفجار، ويوضح من كان وراء التوتر الأمني وإطلاق الرصاص في جنازة التشييع،  وثمة تقارير تتحدث عن خلافات حمساوية هي التي تقف وراء كل ذلك..!!  
وحتى يكون هناك تحقيق مهني نزيه، سوف لن نسلم الآن، ومن باب التقوى والموضوعية، بما جاء في هذه التقارير، ولكن ما ينبغي أن نسلم به، ومن ذات الباب هو السؤال: لماذا لا يخطر ببال حركة حماس مثلاً أن تتهم إسرائيل بوصفها عدو المقاومة الاستراتيجي باعتبار انها تمثل هذه المقاومة (...!!!) بأنها أي إسرائيل من يقف وراء الانفجار، ولعلها ينبغي أن تقول ذلك لغاياتها التعبوية، وتصديقا لشعاراتها الثورجية على أقل تقدير...!! حقًا لماذا لا ترى حركة حماس غير السلطة الوطنية لتتهمها بما تحقق هي من مصائب في حالها..؟؟؟  ولعل الأقبح في هذا السياق، أن حركة حماس تعلم جيدًا أن السلطة الوطنية، وبسياسة سيادة الرئيس أبو مازن وتوجيهاته المباشرة، وحدها التي ما زالت تشكل لِحماس حماية استراتيجية في الساحة الفلسطينية، بمنعها ومناهضتها للاقتتال الداخلي، وإصرارها على مواصلة الحوار الوطني، لتسوية أمر الانقسام البغيض، وكان ذلك طوال أربعة عشر عامًا الماضية، وعلى الساحة الدولية لطالما تصدت السلطة الوطنية، بخطابها، وحراكها السياسي، لمواقف  تصنيف حماس كحركة إرهابية.
تعلم حماس كل ذلك جيدًا، لكنها وبتعصب حزبي أعمى لا تنفخ بغير نار الخصومة، ونار الفتنة وحاديها وهم ما زال يغني لها أغنيات الإمارة المستحيلة..!! نحن على ثقة تامة أن الأمن الوطني الفلسطيني داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، قادر على معالجة كل توتر وكل انفلات أمني لتوفير الأمن والأمان لأهلنا في هذه المخيمات، ولن يتهرب أبدًا من مسؤولياته هذه، وطبقًا لتوجيهات وتعليمات سيادة الرئيس أبو مازن لمسؤول الساحة اللبنانية عزام الأحمد ولكل مسؤول آخر فيها، كما أعلن ذلك قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، وعلى أساس هذه التوجيهات عقدت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية يوم أمس الأول اجتماعا لها في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت وبحضور سفير دولة فلسطين أشرف دبور لأجل منع أي تصعيد يهدد أمن المخيمات الفلسطينية، وسلامتها، وعلى حماس أن تعرف أن هذا الأمن، وهذه السلامة، من مهمات قوات الأمن الوطني، وأن ذلك  خط أحمر، والنصيحة ألا تتجاوز حماس هذا الخط، ولا بأي حال من الأحوال.

المصدر: الحياة الجديدة