بتصريحه إلى إحدى قنوات التلفزة الإسرائيلية، الذي وصف فيه الأسرى الفلسطينيين "بالمخربين"،  يكون منصور عباس قد تجاوز كل الخطوط الحمر الوطنية، لأن استخدامه للمصطلح الإسرائيلي لوصف الأسرى هو طعنة في ظهر النضال الوطني الفلسطيني في وجه الاحتلال والعنصرية، وتحديدًا  طعنة في تضحيات أبناء جلدته من الأسرى الأبطال. ومنصور عباس شكل في الأشهر الأخيرة مشكلة كبيرة في القائمة العربية المشتركة عندما بدأ بفتح القنوات بالاقتراب من رئيس الحكومة الإسرائيلية اليميني والفاسد نتنياهو، ويقوم بالتنسيق معه ومع حزبه حزب الليكود.
السؤال الآن هل يغرد منصور وحيدًا خارج إطار الحركة الإسلامية، أم أنه يقوم بما يقوم ويصرح بما يصرح باسمها؟
ردة فعل هذه الحركة على وصف منصور للأسرى بأنهم "مخربون" جاء ضعيفًا، ولم يرتق لخطورة ما قال، فهذه ليست زلة لسان، كما أنها ليست عدم توفيق بالوصف، كما قالت هذه الحركة. منطقية سؤالنا أن هذه الحركة دعمت منصور في سعيه للتقرب من نتنياهو، بحجج واهية، بأنه "آن الأوان لتغيير نمط عمل أعضاء الكنيست العرب، والانتقال من حالة الاكتفاء بالتحريض والمزايدات، إلى حالة تحصيل منافع للمجتمع العربي الفلسطيني في الداخل". هذه المواقف تذكرنا نحن في الضفة بروابط القرى التي أسستها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي.
لنعرف أكثر عن هذا التطور الخطير الذي يمثله منصور، لابد من العودة للتاريخ ونعرف أكثر عن الحركة الإسلامية داخل الخط الأخصر، ظروف تأسيسها، وكيف تطورت إلى أن انقسمت إلى حركة إسلامية شمالية، وأخرى جنوبية في تسعينيات القرن الماضي، وهو انقسام سنأتي إلى أسبابه لاحقاً. تأسست الحركة الإسلامية داخل الخط الأحضر عام 1971, ومن الواضح أن هذا التأسيس جاء بتأثير من جماعة الاخوان المسلمين في الضفة وغزة، وفي وقت بدأ فيه المشروع الإسلاموي بالتمدد على حساب المشروع القومي العربي الذي كان قد تلقى ضربة قاصمة في هزيمة حرب 1967. دون شك أن الحركة الإسلاموية في داخل الخط الأخضر قد نمت وتطورت تحت نظر أجهزة الأمن الإسرائيلية،  بل كانت هذه الأجهزة ترى في هذه الحركة مصلحة لها في مواجهة الحزب الشيوعي "ركاح"، تماماً كما كانت ترى في جماعة الاخوان في الضفة وغزة مصلحة لها، في مواجهة منظمة التحرير الفلسطينية في الأرض المحتلة.
ولأي متابع لهذه الحركة وجماعة الاخوان، فإنه سيرى أنهما وبدل أن تبادر إلى الاشتباك مع الحكومات الإسرائيلية العنصرية داخل الخط الأخضر، ومع سلطات الاحتلال في الضفة وغزة، فإن الأولى، أي الحركة الإسلاموية اشتبكت مع الوطنيين الفلسطينيين، كما اشتبكت الجماعة في الضفة وغزة مع أنصار المنظمة. وحتى عندما كانت هذه الحركة تحرف بوصلة الصراع وتحوله إلى صراع ديني، فإن هذا التطور كانت ترى فيه اسرائيل مصلحة لها، فهذا يدعم روايتها الدينية الزائفة.
لنعود إلى منصور فهو أحد قيادات الحركة الإسلاموية الجنوبية، التي اختلفت مع الشمالية حول موضوع المشاركة في انتخابات الكنيست، ففي حين شرعنت الحركة الإسلامية الجنوبية هذه المشاركة فإن الشمالية رفضتها، حصل هذا التطور عام 1996. ونعود للسؤال هل يغرد منصور خارج سرب حركته الإسلاموية، الذي قادت تصرفاته إلى شق القائمة العربية المشتركة وإضعافها، وإضعاف الموقف العربي الفلسطيني في الداخل؟ من وجهة نظري أن مواقف وتصريحات منصور تمثل مواقف الحركة الإسلاموية، فالمعروف عن جماعة الاخوان وكافة الحركات الإسلاموية بأن الغاية بالنسبة لها تبرر الوسيلة. ودعونا نلاحظ معا كيف أن هذه الجماعة على سبيل المثال مع تطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل في المغرب وهي ضده في دول أخرى.
منصور يمثل أكثر أنواع التطبيع خطورة، خصوصاً أن ما يقوم به لم يعد وجهة نظر أو رأياً،  وهذا يشير إلى أين تتجه هذه الحركة، فهي ومنصور رأس جسر للجماعة والحركات الإسلاموية التي تقدم أوراق اعتماد لإسرائيل. والغريب أننا لم نسمع أية ردة فعل من حماس على مواقف منصور وتصريحاته بخصوص الأسرى، فالغاية تبرر الوسيلة ما دام منصور يقوم بفتح الخطوط مع نتتياهو وإسرائيل. وأن انشقاق منصور عن القائمة المشتركة يؤكد مدى استخفاف هؤلاء بفكرة الوحدة الوطنية.
من وجهة نظري أن القائمة العربية المشتركة هي أفضل اليوم وهي أكثر انسجامًا، وبالتالي عطاؤها سيكون أفضل، بغض النظر إن هي  خسرت مقعداً أو اثنين وقد لا تخسر.