يشير تقرير جهاز الإحصاء المركزي حول الشباب الصادر في العام 2019، بأن نسبة الشباب من سن (18 - 29 سنة) في فلسطين يشكلون نحو 23% من إجمالي السكان (1.13 مليون)، وبلغت نسبة الجنس بين الشباب بواقع 105 شاب لكل 100 شابة، كما يشير نفس التقرير إلى جملة من الإحصاءات المهمة في فهم طبيعة وتركيبة الفئة الشابة الفلسطينية؛ أهمها: الارتفاع الملحوظ بنسب الالتحاق في التعليم بين الشباب بنسبة تقارب 37% منهم، كما أن أكثر من نصف الشباب مشاركون في القوى العاملة. بالمقابل، فإن أكثر من نصف الخريجين الشباب عاطلون عن العمل. وبالرغم من أن الشباب يمثلون تقريبًا خمس المواطنين، إلا أن نسبتهم في مراكز صنع القرار لا تتجاوز 1%.
من جانب آخر، ارتفعت نسبة المسجلين في السجل الانتخابي في فلسطين استعدادًا للانتخابات التشريعية التي ستعقد في 22 مايو/ أيار المقبل حسب مرسوم السيد الرئيس أبو مازن. فوفقًا لبيانات لجنة الانتخابات المركزية، ارتفعت هذه النسبة لتبلغ 82.4%، وذلك حتى مساء الأربعاء 3/2/2021. وبينت اللجنة أن عدد المسجلين للإنتخابات بلغ 2.31 مليون مواطن ومواطنة من مجموع أصحاب حق التسجيل البالغ عددهم 2.8 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ووفقا لتقديرات لجنة الإنتخابات المركزية، هنالك نحو نصف مليون مواطن غير مسجل حتى الآن وله حق الاقتراع، جلهم من الشباب الذين لم يسبق لهم الاقتراع مسبقا.
وإذا ما اعتمدنا على بيانات الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت عام 2006 باعتبارها سنة أساس، وإذا ما توقعنا أن ترتفع نسبة التسجيل حتى تاريخ 16 فبراير/شباط الجاري الى نحو 90%، مع الأخذ بعين الاعتبار تضاعف نسبة الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع، يمكن لنا أن نتوقع أن نحو 80% من الشباب الفلسطيني دون سن الثلاثين سيقترع في الانتخابات القادمة بواقع قد يتجاوز 850 ألف شاب مقترع. وهذه التوقعات إن صحت، فإن الشباب سيصبحون قوة الحسم بامتياز في الانتخابات التشريعية المقبلة.
ومن أجل فهم توجهات الشباب التصويتية دون سن 35 عامًا، قمت بتحليل البيانات الأولية لاستطلاع الرأي رقم 78 الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي 2020. وحسب هذه البيانات، فان غالبية الشباب الفلسطيني سيصوتون لحركة فتح، فيما لم يحدد اتجاهاته التصويتية الى الآن 12%. وإذا ما قمنا بتحليل عميق لهذه البيانات، يمكن لنا الخروج بنتيجة هامة، وهي أن الشباب الفلسطيني هم أكثر ميلا للتصويت لحركة فتح.
ومن أجل معرفة العوامل التي تحدد إتجاه الكتلة الشبابية التصويتية لصالح حركة فتح، يمكن لنا أن نقترح مجموعة من العوامل؛ وأهمها:
أولًا: البعد "غير الأيديولوجي لحركة فتح"، والتي تقدم أفكارها للجمهور بإعتبارها حركة تحرر تسعى الى بناء الدولة بعيدا عن الإعتبارات الأيديولوجية سواء الدينية منها أو اليسارية. وإذا ما أخذنا بالإعتبار، أن نسبة التدين لدى الشباب هي أقل من نظيرتها لدى كبار السن، فإن الخطاب المنافس– وأقصد هنا خطاب حركة حماس- لا يستهوي الشباب مقارنة بالخطاب المعتدل لحركة فتح.
ثانيًا: إن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لحركة فتح يتقاطع بشكل كبير مع تطلعات الشباب وحاجاتهم. حيث ركز برنامج حركة فتح على بناء الدولة وتحقيق التنمية وعلاج مشكلة الفقر والبطالة، وتعزيز الخدمات المقدمة للمجتمع لا سيما فيما يتعلق بالتعليم والصحة والحماية. وتقويض المشاكل الاجتماعية والعمل على إدماج المرأة والشباب في العمل السياسي والاجتماعي.
ثالثًا: إن حركة فتح تمثل "بريق الأمل" للشباب الطامح للتغيير وتحسين أوضاعه المعيشية. فالشباب الراغب بإكمال التعليم والتمتع بالخدمات والإلتحاق بقوة العمل، لا يريد أن يكرر سيناريو عام 2006، الذي أفضى للانقسام وقطع الرواتب، وإنكسار الديمقراطية. وفي السياق، يسعى الشباب الى التمتع ببيئة هادئة تساعده في تحقيق حلم الدولتين وبناء الدولة ومنع الإقتتال الداخلي وبث الخطاب المعتدل، وإنهاء الإنقسام، وتحقيق التوافق مع القوى الإقليمية والدولية.
وأخيرًا، لا يجب الإرتكان الى النتيجة السابقة حول الإتجاهات التصويتية للشباب في الإنتخابات العامة، بإعتبارها محددًا وحيدًا للتصويت في ظل واقع عدم اليقين، وهو الواقع الذي يسود عادة في أي إنتخابات.
وبالضرورة، على حركة فتح أن تضم في قائمتها الإنتخابية قطاعات واسعة من الشباب من مختلف المناطق الجغرافية في الوطن.
ومن جانب آخر، على الحركة أن تضع في برنامجها الإنتخابي أولوية أساسية للبرامج السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تستهدف أولويات وحاجات الشباب.
وهنا، فإنني أوصي بأن يشارك الشباب أنفسهم في صياغة هذه البرامج الشبابية في برنامج حركة فتح الإنتخابي، وذلك حتى يشعر الشباب بأن حركتهم التي أنشأها الشباب والطلبة في العام 1965، هي شريكة معهم في عملية التخطيط والتنفيذ والتقييم في العملية الإنتخابية. وكنتيجة رئيسية، يمكنني القول بأن الشباب سينتخب فتح، ولكن بالمقابل، على فتح أن تنتخب الشباب أنفسهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها