تقرير: ساهر عمرو
يعاني مزارعو العنب في محافظة الخليل من انخفاض حاد في أسعار المحصول، ووصوله إلى أدنى مستوياته لهذا العام، خاصة في فترة ذروة الإنتاج الممتدة ما بين منتصف شهر آب/ أغسطس وحتى منتصف أيلول/ سبتمبر.
يوجد في الخليل بحسب بيانات وزارة الزراعة، 30 ألف دونم من كروم العنب، المنتشرة في مختلف أرجاء المحافظة، تشكل ما نسبته 70% من إجمالي الأراضي المزروعة بكروم العنب في فلسطين، في حين يقدر إنتاجها لهذا الموسم بما يزيد على 45 ألف طن.
ويشكل انخفاض أسعار محصول العنب لهذا العام تهديدا حقيقيا لمصدر الدخل الأساسي، لما يزيد عن 5700 أسرة تعتاش من عائداته.
وحول ذلك يقول المزارع يوسف أبو ريان: "إن هذا الموسم شهد انخفاضا كبيرًا على سعر كيلو العنب حيث تجاوز ما نسبته 25% عما كان عليه العام الماضي، في حين يتراوح سعر صندوق العنب سعة 10 كيلو غرام ما بين 15-20 شيقلا، خاصة في فترة الذروة التي يزداد فيها العرض بشكل كبير نتيجة تراكم الإنتاج".
ويضيف أن هذه المشكلة ليست جديدة، لكنها تضاعفت هذا الموسم نتيجة جائحة "كورونا"، وتأثيرها السلبي على السلوك التسويقي للمزارعين، والذي بدا واضحا من خلال إسراعهم بضخ منتجاتهم للأسواق، خوفا من احتمال العودة للإغلاقات، وبقاء المحاصيل على الأشجار.
ويوضح أبو ريان أنه ضد عملية "التوريق" أي "التركيز على بيع أوراق العنب"، ولم يقم بها طوال فترة عمله بالزراعة، لكنه اضطر إليها هذا الموسم، لخوفه من عدم القدرة على تسويق محاصيله من العنب، نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
رئيس مجلس العنب والفواكه الفلسطيني فتحي عياش يؤكد أن مزارعي العنب في المحافظة يعانون بشكل كبير من انخفاض الأسعار، ووصولها لمستويات لا تغطي تكاليف الإنتاج والتسويق، مشيرا إلى أن سعر كيلو العنب في السوق وصل إلى أقل من 1.7 شيقل، في حين أن تكلفة إنتاج الكيلو الواحد تصل إلى 2 شيقل، ما يعني أن المزارع يتكبد خسائر جراء ذلك.
ويرجع عياش السبب لعدم تنظيم عمليات التوريد من قبل المزارعين، وتركزها في فترة واحدة، خوفا على المحاصيل من استمرار الارتفاع في درجات الحرارة، ومن احتمال فرض إغلاق بسبب "كورونا"، ناهيك عن إغراق الأسواق الفلسطينية بالمنتج الإسرائيلي المهرب، وانخفاض مستويات الشراء لدى المواطنين للحد الأدنى، بسبب الأوضاع الاقتصادية السائدة.
ويشير إلى أن المزارعين فقدوا هذا الموسم فرصة تسويقية نظر لعدم القدرة على تنظيم "مهرجان العنب"، كما جرت عليه العادة في الأعوام الماضية بسبب "كورونا"، ما أثر سلبا في مساعدة المزارعين والجمعيات التعاونية، على تسويق وبيع منتجاتهم ومحاصيلهم من العنب.
ويعتبر عياش أن تراكم الإنتاج في فترات الذروة عقبة ترافق المزارعين منذ زمن، ومواجهة ذلك يتطلب توزيع الإنتاج على أطول فترة ممكنة، ويمكن تحقيق ذلك عبر توفير إمكانيات الري، التي من شأنها إطالة فترة الاحتفاظ بالثمار على الأشجار، وتوفير معدات لتغطية الثمار لحمايتها من تقلبات درجات الحرارة، أو من خلال حفظ المحاصيل بفترة الذروة في برادات خاصة.
وحول محطة التعبئة والبرادات التي تم إنشاؤها في بلدة حلحول لهذا الغرض، والتي أعلن العام الماضي عن جاهزيتها للعمل اعتبارا من هذا الموسم، يوضح عياش، كان من المفترض أن يتم تشغيلها بمطلع شهر آب الماضي، ولكن نتيجة خلاف على توريد الكهرباء لم يتم ذلك.
تقول مديرة زراعة شمال الخليل سحر الشعراوي إنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي أحاطت بموسم العنب، إلا أن إنتاج هذا العام من هذا المحصول ومشتقاته تميز وبشكل ملفت بجودته العالية، بسبب تفرغ المزارعين، وتوجه عديد المواطنين للاهتمام بالزراعة، نتيجة جائحة "كورونا" وما رافقها من إغلاقات.
وفيما يتعلق بتدني الأسعار، تشير الشعراوي إلى أن هذا الموسم يمكن تصنيفه بالممتاز من حيث حجم الإنتاج وجودة المنتج، وضعيف من حيث العائدات والمردود المالي، معللة ذلك بعدة أسباب: منها ما نتج عن الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد، كذلك ما يتعلق بطبيعة الموسم ونوع المنتج، حيث هناك ما نسبته 70% من كروم العنب في المحافظة من نوع زيني ودابوقي، وهي أنواع تنضج في الفترة ما بين منتصف آب ومنتصف أيلول، أي فترة الذروة يزداد فيها العرض بشكل كبير.
وتؤكد أن عدم التزام الجزء الأكبر من المزارعين بتوجيهات طواقم الإشراف في وزارة الزراعة، حول ضرورة التقيد بشروط التعبئة السليمة، وضرورة إجراء عمليات الفرز والتصنيف لمحاصيلهم، وتدريجها بحسب مستويات الجودة: نخب أول، وثاني وهكذا، حرمهم فرصة الاستفادة من التفاوت بالأسعار، الناتج عن اختلاف مستويات الجودة.
وحول تدخلات الوزارة لمساعدة المزارعين على تجاوز هذه الأزمة، وتحقيق أعلى عائدات ممكنة، تفيد الشعراوي بأن الوزارة وبالتعاون مع بعض المؤسسات الشريكة، تعمل على زيادة القدرة التسويقية للمزارعين والجمعيات التعاونية، وتمكينهم من الوصل إلى اكبر قدر ممكن من الأسواق والمستهلكين، عبر تبني سياسة تنظيم "الأيام التسويقية" للعنب ومنتجاته في المحافظات الأخرى، وقد تم تنفيذ أربعة منها في بعض المحافظات، ويجرى العمل على أخرى.
وتختم شعراوي قولها بأن الوزارة والمؤسسات الشريكة، أعفت المزارعين من التكاليف المترتبة على مشاركتهم بالأيام التسويقية، والتي تشمل تكاليف صناديق التعبئة والنقل والمواصلات، حيث تم توفير التمويل اللازم لتغطيتها، كونها تشكل عبئا عليهم وتستنزف جزءا من عائدات محاصيلهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها