عقّب رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني ديفيد هيرست، على الاتفاق التطبيعي بين الإمارات وإسرائيل بأنه صورة عن أزمة يواجهها الرجال الثلاثة الذين وقعوه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب".

وأشار إلى أن الأخير كان يبحث عن طرق لوقف الأميركيين عن التصويت المنظم في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لأن عددا منهم لو صوت، بناء على الاستطلاعات الحالية، فسيخسر.

وتابع: كان كل منهما بحاجة إلى انقلاب، أو شيء يمكن للإعلام وصفه "بالتاريخي". وكل واحد منهم يعلم ماذا سيحدث لو خسروا السلطة، فلنتنياهو وترمب هذا يعني السجن، أما محمد بن زايد فيعني الموت أو المنفى. وبهذا الحس فالمصائر الشخصية متقاطعة بدرجة غريبة.

وكان محمد بن زايد بحاجة إلى سند إقليمي بديل بعدما أدرك أن استثماره في ترمب ليس دائما. فقد صنع لنفسه ما يكفي من الأعداء داخل المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) وداخل البنتاغون. وهو يعلم أنه في اللحظة التي يغادر فيها ترمب سوف تستعيد الدولة العميقة في الولايات المتحدة مكانتها، وتشرع في الانتقام لنفسها.

أما نتنياهو فهو بحاجة إلى استراتيجية يتخلص فيها من الاحتجاجات والانسحاب من ائتلاف مهلهل، وتأكيد سلطة لا يشاركه فيها أحد. فهو يخون مرة أخرى معسكره اليميني من خلال تجميده للضم (رغم أنه لم يتخلَ عنه تماما).

وفي شريط فيديو على حسابه بتويتر تباهى قائلا: “لأول مرة في تاريخ البلد، وقعت اتفاق سلام من موقع القوة – سلام مقابل السلام”. و”ذلك النهج الذي قدمته منذ سنين: يمكننا صناعة السلام دون التنازل عن الأراضي، ودون تقسيم القدس، ودون تعريض مستقبلنا للخطر. في الشرق الأوسط، يبقى القوي على قيد الحياة والشعب القوي يصنع السلام”.

أما ترمب فقد كان بحاجة إلى إنجاز في السياسة الخارجية يصبح معلما وشيئا بإمكانه أن يحصده من رأس المال السياسي الذي أنفقه على صهره جاريد كوشنر. نظرا لأن “صفقة القرن” كانت ميتة قبل وصولها، فقد احتاج ترمب إلى شيء ملموس.

وأضاف هيرست أن اعتراف الإمارات بإسرائيل لا علاقة له بالسلام ومحاولة إنهاء النزاع بل هو محاولة لإنشاء تحالف إقليمي بين الطغاة والمحتلين. فمع انسحاب أمريكا تبرز أطراف إقليمية مهيمنة وفي مقدمتها إسرائيل والإمارات.

أنا واثق، يقول هيرست، أن الفلسطينيين لن يلوحوا بالراية البيضاء مستسلمين، فقد كان بإمكانهم عمل هذا قبل سبعة عقود، ولن يتخلوا عن حقوقهم السياسية مقابل المال، فالخطة لكي تنجح لا تحتاج أقل من ذلك.

ومضى هيرست قائلا إن الانهيار الأخلاقي لو كان سيحدث في مكان لحدث في جيوب جوعتها إسرائيل لـ14 عاما، غزة. فلا مؤشرات عن انهيار المقاومة الشعبية ضد إسرائيل، ولن يحدث هذا في الضفة التي تتمتع بقدر نسبي من الحرية.

 فقد وصفت السلطة الوطنية التطبيع الجديد بالخسيس وخيانة للشعب الفلسطيني والأقصى. وسيتردد الغضب الذي يسري في عروق الفلسطينيين في أوساط الجماهير العربية.