أصبحت الصين لاعبًا رئيسيًا في كتابة المعايير العالمية الدولية للتكنولوجيات الناشئة، لا سيما المعايير العالمية لشبكات الجيل الخامس (5G) اللاسلكية، كجزء من جهد وطني لتشكيل ساحة اللعب لصالحها.
ويقال: إن الدولة الصينية تقوم بصياغة إستراتيجية متوسطة المدى يطلق عليها “معايير الصين 2035″، بحيث تستكمل هذه الإستراتيجية خطة التحديث الصناعي المسماة “صنع في الصين 2025”.
وفي ظل تزايد عدم الثقة في بكين، فإن هيمنتها المتزايدة على مناقشة المعايير العالمية قد تصبح مصدرًا آخر للاحتكاك.
وقدمت الصين 830 وثيقة تقنية تتعلق بمواصفات الاتصالات السلكية إلى الاتحاد الدولي للاتصالات في العام الماضي، أي أكثر من أي دولة وأكثر من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان معًا.
وتعمل هذه الوثائق كأساس للتداول بشأن المعايير الجديدة، وتعني المزيد من الوثائق صوتًا أقوى، وتُعد الصين خامس أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الدولي للاتصالات.
وكان زعيم المنظمة الصيني، الأمين العام تشاو هولين (Zhao Houlin)، قد شارك سابقًا في تطوير معايير الاتصالات للحكومة الصينية وتعهد بتعزيز التعاون مع مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وبصرف النظر عن الاتصالات، فقد وجدت لجنة المعايير الصناعية اليابانية أن الصين كانت الصين وراء 16 اقتراحًا من أصل 65 اقتراحًا للجان التقنية الجديدة في المنظمة الدولية للمعايير واللجنة الكهروتقنية الدولية منذ 2014.
وتقوم هذه اللجان بصياغة المواصفات لمجالات معينة، وعادةً ما يكون القائد من البلد الذي قدم الاقتراح، كما تقود الصين الآن اللجنة الكهروتقنية الدولية ككل، حيث أصبح شو ينبياو (Shu Yinbiao) رئيسًا في شهر يناير.
وتحركت الولايات المتحدة، التي تنبهت إلى خطر احتمال قيام بكين بكتابة المعايير، لفصل شركات التكنولوجيا الصينية عن الشركات الأمريكية.
وأمرت واشنطن في العام الماضي الشركات الأمريكية بالتوقف عن العمل مع هواوي لأسباب أمنية، في حين بدأت المملكة المتحدة وفرنسا في اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد هواوي، لكن مثل هذه التحركات لا يمكن أن تحد من تأثير الصين في (5G).
وتُعد هواوي رائدة في تسجيل براءات الاختراع الأساسية لشبكات (5G)، وذلك وفقًا لمعهد الإبداع السيبراني الذي يقع مقره في طوكيو.
وتقود هواوي المساهمات المتعلقة بشبكة الجيل الخامس في (3GPP)، وهي منظمة دولية تعمل على تطوير معايير الاتصالات.
وقال أحد الخبراء في قضايا الملكية الفكرية: “حتى لو تم حظر هواوي من شبكات (5G)، فستكون هناك أوقات يتعين على الشركات الدفع إليها مقابل استخدام براءات الاختراع التي أصبحت جزءًا من معايير الصناعة”.
ويمكن للصين استخدام نفوذها في المعايير العالمية لتقويض العقوبات الاقتصادية.
وسمحت وزارة الخزانة الأمريكية للشركات بتبادل المعلومات التقنية مع هواوي المدرجة في القائمة السوداء في سياق تطوير مواصفات (5G)، خشية أن يجري استبعاد أمريكا من العملية.
وفي حال استولت الصين على مبادرة تطوير المعايير، فإن ذلك يعزز القدرة التنافسية للبلاد في مجالات أكثر أهمية من مجرد تجميع المعدات.
ومن شأن هذا أن يوجد عائقًا آخر أمام إستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء التأثير التكنولوجي للصين، إذ تضع الصين في البداية معاييرها المحلية في المعايير الدولية، ثم تصدر أنظمة صينية كاملة تستوفي تلك المواصفات.
المصدر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها