كتاب الكفاح الفلسطيني حافل بروايات وقصص وصور البطولة والفداء والتضحية والإيثار والمواقف الإنسانية حتى في ميادين الصراع مع الاحتلال، بإمكاننا تقديم أعمال فنية سينمائية أو تلفزيونية ستكون أبلغ من كثير من الرسائل السياسية والدعائية الإعلامية التي تأخذ الكثير من مقدراتنا المالية والبشرية ولكن بنتائج أقل من المنتظر.

لقد نجحنا في مرحلة ما من توظيف الفن التشكيلي لتقديم صورة حضارية مشرفة عن الشعب الفلسطيني، حيث شاهد العالم إبداعات فنانين تشكيليين فلسطينيين في عواصم أوروبا حتى قبل انشاء علاقات رسمية مع حكوماتها كما نحن الآن، وكان تأثير هذه الأعمال على الرأي العام العالمي عاملاً مهما عزز تأثير الحراك الدبلوماسي والسياسي في ميادين القانون الدولي، والمقاومة الشعبية الفلسطينية.

نتحدث عن وحدة انتاج وطنية فلسطينية يساهم فيها رجال أعمال فلسطينييون بأموالهم، وكتاب برواياتهم، ومحطات ووكالات وشركات إنتاج إعلامي بأدواتهم، وممثلون وممثلات من كل أنحاء فلسطين الذين ما زالوا صامدين في الوطن أو المقيمين خارجه بحكم الهجرة القسرية.

نتحدث عن وحدة إنتاج تكرس لها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إمكانيات وسائلها الإعلامية التي تذهب معظم مقدراتها  للمناكفات (والهوبرات) ورفع وتيرة الضجيج الإعلامي الذي يهدر الإمكانيات المالية المخصصة للإعلام الذي يعني حسب فهمنا تعميق مكانة القضية في وجدان الرأي العام العربي والدولي، وترفيع مستوى الوطنية والانتماء لدى الجمهور الفلسطيني، وتعزيز روابطه بثوابته ذات الصلة بالماضي والحاضر، وتعزز رؤية الجمهور لمستقبله على أرض وطنه في دولة حرة مستقلة ديمقراطية ذات سيادة، دولة قانون وبناء وتحرر.

لدينا أسماء وأحداث وطنية عظيمة كثيرة يمكننا تقديمها في مسلسلات رمضانية، وفي حلقات تلفزيونية على مدار العام، ولدينا سجلات بطولات لا تقل شأنًا عن أي بطولات نشهدها في أرقى الأعمال الفنية العربية والدولية، لا نريد هنا الإشارة إلى بعضها لأن الأمر يحتاج إلى لجنة وطنية مطلعة حتى لا تكون رؤيتنا محدودة بزاوية انتماء سياسي محدد، فلجنة وطنية مطلع أفرادها على تاريخ الكفاح الفلسطيني المعاصر وتحديدًا خلال نصف قرن ونيف من الكفاح  يمكنها استخراج أسماء وأحداث وطنية كانت علامات فارقة في مسيرة شعبنا الفلسطيني، ونعتقد أن الوثائق المؤكدة ما زالت في متناول اليد بإمكان كتاب الأعمال الفنية وكتاب السيناريو الاستفادة والاستزادة منها بالتفاصيل، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار وجود الكثير ممن عاصروا الأحداث على قيد الحياة.

قد يقول قائل إن احترازات امنية تمنع تقديم تفاصيل دقيقة في الأعمال الفنية، لكن بالإمكان تجاوز الأمر خاصة أننا نتحدث عن أعمال درامية يمكن التكيف بأحداث القصة الواقعية بما يبقيها ضمن سياقها ومضمونها ألأساس وتحقيق الهدف الأسمى منها، ذلك أن الانتصار للفكرة هو الأساس من الأعمال الفنية.

نعتقد أن الإعلام الرسمي الفلسطيني سيسخر كل قدراته وإمكانياته الانتاجية لتخليق حالة إعلامية فلسطينية موحدة تضع فلسطين وتضحيات الشعب الفلسطيني وعدالة القضية، وإنسانية المناضل الفلسطيني فوق كل اعتبار، فنحن بحاجة إلى رواية فلسطينية يراها العالم كألوان قوس قزح الذي هو في الحقيقة الوان طيف التوجهات الفكرية السياسية الفلسطينية المنعكسة من قطرات دمع أم شهيد وأم أسير الصافية النقية التي مهما بدت صغيرة إلا أنها كبيرة كحجم الأرض وأكثر.

تعالوا ننتج لفلسطين بدل البقاء كمتفرجين نضيع وقتنا في انتقاد الآخرين، فنحن يجب ان نكون السباقين ولا أعذار ، فكل مستلزمات الانتصار لقضيتنا بأسلوب فني تعبير متقدم متوفرة لتحرير ضمير العالم من الرواية الصهيونية.