يحيي شعبنا الفلسطيني اليوم الإثنين الذكرى الـ44 ليوم الأرض الخالد، الذي يأتي تعبيرًا وتخليدًا للهبة الشعبية التي خاضتها الجماهير الفلسطينية في فلسطين المحتلة عام 1948 في الثلاثين من آذار عام 1976 ردًا على قرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب، وسقط خلالها ستة شهداء.
تلك الهبّة التي إمتدت لتشمل الضفة الغربية وقطاع عزة والقدس التي برهنت على قوة إرادة شعبنا وصلابته بالتمسك بالإرض ورفض كل سياسات سلطة الإحتلال الإسرائيلية القائمة على العنف والتطرف والعنصرية والقتل والسرقة المتواصلة لأراضينا ومواردنا ومحاولات طمس هويتنا الوطنية وتراثنا التاريخي والحضاري والديني في أرض فلسطين.
تطل علينا هذه المناسبة الخالدة في أحلك الأوقات والظروف التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، الذي يواجه وبائين وخطرين، وباء الاحتلال الصهيوني العنصري المزمن، الذي يتفشى ويتمدد في ارض ويستمر في إنتهاج سياسة الضم والفصل العنصري والتهجير القسري والتطهير العرقي بدعم من إدارة ترمب وتساوقها مع سياسات حكومة الإحتلال اليمينة المتطرفة بهدف تصفية القضية الفلسطينية، والتنكّر لحقوقنا الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف التي أقرتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
يواجه شعبنا اليوم كما كل شعوب العالم قاطبة فيروس كورنا "كوفيد- 19" المستجد والعابر للحدود، الذي يشكل خطرًا داهمًا لا يقل خطورة عن الاحتلال المزمن والبغيض.
فهذا الوباء الذي يهدد بقاء ووجود البشرية على وجه الأرض ويشغل العالم أجمع عن بشاعته وخطره على الإنسانية، يكشف في الوقت نفسه عن بشاعة الاحتلال الاسرائيلي الذي يستغل بشكل عنصري سافر انشغال العالم بهذه الجائحة لتصعيد انتهاكاته وجرائمه وممارساته التوسعية والاستيطانية الاستعمارية ونهجه العنصري القائم على الإهمال الصحي لأبناء شعبنا في أراضي العام 1948 والقدس المحتلة وقطاع غزة واهماله للأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية والعمال الفلسطينيين وتعريض حياتهم للخطر في هذه المرحلة الصعبة، والتحريض الدائم على الفلسطينيين من خلال الإجراءات العنصرية التي اتخذتها سلطات الإحتلال بذريعة مواجهة هذا الوباء.
في هذا اليوم الخالد نذكّر المجتمع الدولي ومؤسساته بواجب تحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية تجاه شعبنا وقضيته وإنهاء الإحتلال والإفراج الفوري عن الأسرى والمعتقلين، والإعتراف الكامل بدولة فلسطين.
إن هذه الأخطار التي تحدق بشعبنا وقضيتنا تحتّم علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى إنهاء الإنقسام البغيض وإنجاز الوحدة الوطنية، ورص الصفوف، ووضع خلافاتنا جانبًا، وتوحيد كل الجهود والطاقات لمواجهتها، والوقوف صفًّا واحدًا لتحقيق أماني وتطلعات شعبنا الفلسطيني.
ونسجل تقديرنا لـ"إدراك" شعبنا ووعيه في الوطن والمخيمات الفلسطينية في لبنان على وجه التحديد في مواجهة هذا الوباء العالمي المستجد، وندعو أهلنا وأبناء شعبنا في الوطن وفي المخيمات وفي كل أماكن تواجدهم للإلتزام بما تفرضه الظروف الصحية والقيود المتخذة في كل العالم، وضرورة التزام المنازل والإلتزام بقراري الطواريء والتعبئة التي اقرتها الحكومة الفلسطينية في أرض الوطن والحكومة اللبنانية على الأراضي اللبنانية.
إننا في هذا اليوم الخالد نعبر عن فخرنا واعتزازها بصمود ونضالات شعبنا وتضحياته، مؤكدين على حقّنا المطلق بممارسة كل أشكال المقاومة والنضال الباسل، ونحيي صمود شعبنا وإرادته القوية وشجاعته وصموده وصلابته وعزيمته التي لا تلين بالتمسك بالأرض والثوابت الوطنية وإصراره وإصرار القيادة الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن على المضي قدمًا في المقاومة الشعبية لتجسيد حقوقنا الوطنية المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم.
ونؤكد على دعمنا ووقوفنا إلى جانب شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 48، معربين عن تقديرنا لنضالاتهم دفاعًا عن وجودهم وحقوقهم وارضهم وهويتهم تلك الحقوق الثابتة التي يضمنها القانون والشرعية الدوليين.
وندعو أبناء شعبنا إلى إحياء هذا اليوم في المنازل والبيوت عبر رفع الأعلام الفلسطينية والأناشيد الوطنية ومن خلال وسائل التواصل الإجتماعي، تعبيرًا عن تمسكنا بأرضنا وهويتنا الوطنية.
عاشت فلسطين حرة عربية أبية، والمجد والخلود لشهداء يوم الأرض الخالد ولشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين والحرية للأسرى والمعتقلين.
30 آذار 2020
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها