خليك بالبيت.. إصحى تقول إنّك زهقت. إنت موجود في بيتك معزّز مكرّم، وقت ما بدك بتاكل وبتعمل قهوة أو شاي، وإذا أجى على بالك تحكي مع حدا بتتصل وبتتطمّن عليه، وإذا اشتقت لجارك بكفي تنادي عليه من الشباك أو البلكونة. يعني كأنك في إجازة من الشغل بس ما بتطلع على الحارة وما بتزور حدا ولا بتستقبل ضيوف. خذ راحتك وإحمد ربّك إنك في بيتك.

خليك بالبيت.. تخيّل كيف انت زهقت من القعدة في البيت خمس أيام! حط حالك محل واحد من الأسرى. الأسير كريم يونس موجود في الأسر من سنة ١٩٨٣! يعني ٣٧ سنة، احسبهم كم شهر وكم يوم.. إنت موجود في بيتك من خمس أيام، وهو في الأسر (مش في بيته!) من ٣٧ سنة. كريم واحد من آلاف الأسرى والأسيرات، معزولين عن العالم، سرقت منهم دولة الإحتلال زهرة شبابهم وحرمتهم من الحياة مع أهلهم وبين أحبابهم. إنت في بيتك وبين أهلك..

خليك بالبيت.. ما حدا طالب منك تكون مثل كريم يونس أو مروان البرغوثي أو أحمد سعدات أو فؤاد الشوبكي.. بس لعلمك: إلتزامك بالحجر المنزلي هو كمان عمل وطني، إنت بتحمي أهلك وشعبك من مرض خطير، مستقبل جيل كامل يعتمد هلى التزامك بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، وما تفكّر إنه هذا مش مرتبط بموضوع الأسرى، بالعكس: حماية شعبنا من المرض هو اللي بخلي أسرانا يتفاءلوا بالمستقبل ويظلوا على ثقة إنك أنت وكل شعبنا بتحافظوا على حالكم حتى نظل قادرين على الصمود في وطننا. إذا لا سمح الله انتشر المرض بيننا مثل ما صار في دول ثانية هذا ممكن يلهينا عن المطالبة بحقوقنا والنضال من أجل حرية أسرانا، لأنه هذا المرض ونتائجه وأخطاره على الصحة وعلى الاقتصاد -إذا انتشر بيننا لا سمح الله- ممكن يحتاج سنين طويلة حتى نخلص منه ومن آثاره. شعبنا ما عنده وقت حتى يلتهي بالمرض ويتوقف عن المطالبة بحقوقه وأولها حق الأسرى بالحرية.

خليك بالبيت.. الكل بدّه راحتك وسلامتك: أهل بيتك والحكومة والشرطة والأمن الوطني، وكمان صاحب المصلحة الخاصة -كلهم حريصين على سلامة الناس وصحتهم. طبعاً إنت سيد العارفين أنه عدونا مش سائل عن صحة الأسرى. وأكيد بتعرف كم أسير استشهد بسبب التعذيب والإهمال المتعمّد وعدم توفير العلاج اللازم وبسبب الظروف السيئة اللي بعيشها الأسرى في المعتقلات. ومع ذلك ما بتسمع إنه أي واحد منهم اشتكى أو وطّى راسه للسجّان. عشان هيك من حقّ الأسرى عليك وعلينا كلنا إنه كل واحد فينا يظل في بيته وما يعرّض حياته للخطر.

خليك بالبيت..كلهم أسبوعين أو ثلاثة وبترجع لحياتك الطبيعية. بس إياك تنسى الأسرى بعد ما ينتهي الحجر! أنت شايف كيف الواحد بتضيق الدنيا بوجهه رغم إنه في بيته من كم يوم ومش محروم من إشي، فما بالك باللي موجود بين إيدين عدو ما عنده لا أخلاق ولا إنسانية ولا أي احترام لكرامة الإنسان؟ أكيد قرأت أو شفت جنودهم وهم يبصقوا على سيارات أهلنا وعلى أبواب المحلات والبيوت ويلوثوهها بوسخهم، عمرها هاي صارت في أي بلد بالدنيا؟ تخيل إنه هذول الجنود أو أسوأ منهم هم اللي بشتغلوا سجانين في المعتقلات اللي فيها أسرانا! مش ممكن يهتموا بصحتهم ولا بسلامتهم، بالعكس: الله يستر أسرانا ويحميهم من هذا العدو الوسخ، مش مستبعد إنه ينقل لهم الفيروس وينشر العدوى بينهم عمداً.. 

خليك بالبيت... بكرة بعد ما تتعشّوا إحكي لأولادك عن الأسرى.. احكيلهم إنه في ناس ضحّوا بحريتهم وزهرة شبابهم عشان أنت وأولادك وشعبنا كله يعيش حر في وطن حر اسمه فلسطين.