رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ليس في موقع شرعي قانوني ورسمي يجيز له القول للرئيس أبو مازن "يجب" أن تفعل كذا و"يجب" ألا تفعل كذا، ولن يكون في يوم من الأيام أقوى من إدارة ترامب ومنظومة تل أبيب الاستعمارية العنصرية ليفرض شروطه على قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية رئيس الشعب الفلسطيني، وعلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.. فالرئيس أبو مازن الذي وقف على أرضية الموقف الشعبي والرسمي الوطني الفلسطيني الصلبة وقال لا لخطة ترامب الاستعمارية، وشروطها التعجيزية، فإن حماس التي باتت نقطة الضعف الرئيسة في الجبهة الفلسطينية المقاومة للحملة الاستعمارية الجديدة لن تقوى على فرض شروطها على الرئيس حتى لو استخدم هنية كل قدراته في المراوغة الكلامية، وننصحه بتلمس (مرض التضخم) النفسي والسياسي المتفشي لدى جماعته، حتى لا يقع في المحظور، ولا يدخل المتاهات المصممة خصوصًا لجماعته على الطراز الأميركي الاسرائيلي المنفذة فعليًا في مصانع عواصم اقليمية الصغيرة منها والكبيرة.. فالمتعثر والراسب في القيادة وعلوم السياسة والمطوي بين دفتي أجندات إقليمية، والمتلهف الباحث عن أي دور في أوج وذروة الهجوم على القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني ليس مقبولاً منه القول: "يجب أن يصدر الرئيس محمود عباس مرسوم الإنتخابات الشريعية والرئاسية لنفرض أمرًا واقعًا على الاحتلال" لأنه لا يملك حق إغفال القدس، ولأن الحديث عن فرض أمر واقع مبهم دليل فاضح على (نوايا حماس السرية) في قطع الاتصال مع الثوابت الوطنية، كل ذلك لأجل ضمان ديمومة مشروع الانقلاب والانفصال... اما الحديث عن فرض أمر واقع على الاحتلال فهو تسخيف لمبدأ واهداف اجراء الانتخابات في القدس والامتناع عنها بدونها، إلا اذا اقنعنا جهبذ السياسة هنية بخطته لفرض الأمر الواقع هذا، وكيف استطاع ضمان إجراء الانتخابات في القدس بعد فرض الأمر الواقع بالمرسوم الرئاسي كما قال؟!!. نقول هذا ونحن على يقين أن هنية لا يدرك أبعاد إصرار الرئيس على إجراء الانتخابات في القدس بإعتبارها اهم معركة سياسية نخوضها اليوم لتكريس أحد ثوابتنا الوطنية كونها عاصمة دولة فلسطين، وإنها جزء لا يتجزأ من دولة فلسطينية مستقلة، وأن النظام السياسي الفلسطيني لا قيمة له بدون القدس وبدون مشاركة المقدسيين في مقومات الحياة السياسية الفلسطينية. 
سيبقى مشايخ حماس أسرى دوامة تشدهم للأسفل، لذا نراهم يحاولون التعلق بقشة خطة ترامب وفتوته في المنطقة نتنياهو المعروفة بصفقة القرن، ولا نرى في تصريحات اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس حول محاولة الادارة الأميركية فتح خطوط إتصال مع جماعته إلا محاولة لجس نبض أنصار وقواعد حماس وكذلك استكشاف المواقف مما يسمى محور المقاومة، وقد يكون لتصريح خالد البطش القيادي في (الجهاد الاسلامي) مؤشرات ودلائل على توجهات حماس السرية فقد قال: "إن محاولة واشنطن الإتصال مع حماس تأتي في إطار التشويش على جميع القوى الفلسطينية. علمًا أن هنية كشف في حديثه لقناة الميادين اللبنانية عن محاولات واشنطن للاتصال مع حماس وقال: "نحن رفضنا أي اتصالات سرية مع الإدارة الأميركية" ما يعني أنهم يريدونها اتصالات علنية.
الخشية من الاتصالات الأميركية مع حماس التي أبداها البطش لها ما يبررها، ولعل ما كتبناه في المقال السابق يؤكد أن شهر العسل بين التنظيمين الجهاد وحماس قد انتهى وبدأت اجراءات الطلاق التي من أسبابها كما نعتقد الخلاف ليس على برنامج (العمل المسلح) وإنما على توجهات حماس في العلاقة مع منظومة الاحتلال الاسرائيلي والإدارة الأميركية، ورهن العمل المسلح (المقاومة) وكذلك العمل الشعبي مقابل حقائب الأموال المختومة من الشاباك!.
مناورات واتصالات رئيس سياسة حماس مكشوفة منذ زمن ولم تعد سرية، وربط الوحدة الوطنية بتنفيذ واحدة من الخيارات الأربعة التي اشترطها يمكننا وصفها بلعبة لوي الذراع، فهنية وجماعته يعتقدون أن الرئيس أبو مازن في وضع لا يحسد عليه، وأن ضغوطهم ستنجح في إجباره على التراجع عن مبدأ انعقاد المجالس الوطنية في أرض الوطن وعلى مرمى حجر من القدس، والتعويض عن الانتخابات التشريعية والرئاسية كحق قانوني للمواطن الفلسطيني لا يخضع للمساومة بحكومة وحدة وطنية كان هنية وجماعته قد أفشلوها واعتدوا على أعضائها. 
ليس مطلوبًا من رئيس سياسة حماس إلا الإعلان عن تنازل واحد متفرع وهو التنازل عن عقلية الانقلاب الانفصالية والتنازل عن الارتباط العضوي بجماعة الاخوان المسلمين وأجندات دول اقليمية، والتحرر من عقلية الاقصاء والتخوين والتكفير، والتنازل والتواضع والإعتذار للشعب الفلسطيني عن سياسة جماعته العبثية العدمية المدمرة، والتنازل الى حد الإيمان بسلطة واحدة وقانون واحد ونظام سياسي واحد وسلاح واحد ودولة واحدة، وإقران الكلام بالفعل والعمل، والكف عن المناورات والكذب على الجماهير بشعارات وروايات فارغة.
ستبوء عملية تجميل مواقفهم بالفشل ما لم يقروا بأن مشكلتهم ليست مع حركة فتح وحسب، بل مع منظمة التحرير الفلسطينية، مع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، مع الجذور الحضارية الثقافية المدنية التقدمية التحررية التنويرية والقيم الأخلاقية والمبادئ والأهداف الناظمة لحركة العمل الوطني الفلسطيني.