لا زالت تداعيات إعلان ترمب معتوه أكبر دولة في العالم لصفقة القرن، التي بمضمونها هي إلغاء للحقوق الفلسطينية ومنها حق العودة وشطب القضية الفلسطينية وإيجاد الوطن البديل والتمسّك بمدينة القدس عاصمة أبدية لما يُسمّى بإسرائيل، تلقى ردود فعل غاضبة للفلسطينيين في مخيمات العاصمة اللبنانية بيروت.

وكان ترمب قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده في الغرفة المغلقة في البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن، الساعة السابعة من مساء الثلاثاء 28/1/2020 بتوقيت بيروت إلى جانب النتن ياهو وحضور سفراء كل من: البحرين، عُمان والإمارات أن القدس هي عاصمة غير مجزأة لإسرائيل، واعترافه بحق إسرائيل في السيادة على غور الأردن، ومهدّداً الرئيس محمود عباس والفصائل الإسلامية الفلسطينية، ومغدقاً مليارات الدولارات على الفلسطينيين في حال قبولهم بصفقة الذل والعار، وتأمين فرص عمل للفلسطينيين.

بالعودة إلى ردود فعل مخيمات بيروت فقد انطلقت في اليوم التالي للإعلان، مسيرات غضب واستنكار جابت شوارعها وأزقتها، رفع فيها المشاركون أعلام فلسطين والشعارات الغاضبة والمنددة بالسياسة الأمريكية تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وهتفوا للقدس وللقيادة الفلسطينية، وطالبوا الفصائل والتنظيمات الفلسطينية تحقيق الوحدة الوطنية بأسرع وقت لمواجهة السياسة الأمريكية المتعجرفة، كما صب المشاركون غضبهم على بعض الأنظمة العربية الذين يسارعون لإرضاء أسيادهم ويهرولون للتطبيع مع العدو الصهيوني.

شارك في الاعتصامات والمسيرات المنددة بالصفقة، قادة فصائل الثورة والقوى الإسلامية والفلسطينية، وقادة الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان وبيروت والمخيمات، وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وممثلو اللجان الشعبية والقوة الأمنية المشتركة والوحدات العسكرية، وشيوخ ورجال دين وأئمة مساجد، والمؤسسات والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والأشبال والزهرات والفرق الكشفية والموسيقية، وأهالي المخيمات بكافة فئاتهم العمرية واتجاهاتهم السياسية والتنظيمية والعقائدية.

ففي مخيم برج البراجنة، كبرى مخيمات بيروت، نُظّم اعتصام أمام جامع الفرقان، داخل المخيم، ألقيت فيه الكلمات، فكانت الكلمة الأولى للفصائل الفلسطينية ألقاها مسؤول جبهة التّحرير الفلسطينية حسام ياسين جاء فيها :"نلتقي اليوم في هذا الجمع الكريم لنعلن رفضنا القاطع لصفقة ترامب ونتنياهو، لتصفية القضيّة الفلسطينية والحق التاريخي الثّابت لشعبنا بأرضه وحق عودته، وإننا إذ نؤكّد أن صفقة ترامب هي بنود تطبيقيّة ابتدأت منذ الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصّهيوني وإن ما شاهدناه يوم أمس هو حفلٌ انتخابي لرجلين مأزومين وملاحقين قضائياً في إحدى القاعات الماسونيّة في البيت الأسود راعي الإرهاب الدّولي، وإنّنا نأسف ونستنكر حضور بعض سفراء العائلات الحاكمة والأدوات الصهيونية في الخليج العربي ونعتبر مشاركتهم مشاركة بالعدوان الأمريكي الصّهيوني على شعبنا الفلسطيني".

وأكّد ياسين رفض الشعب الفلسطيني التام لكل مشاريع التّصفية، وطالب الرّئيس أبو مازن لعقد اجتماع عاجل للأمناء العامين لفصائل الثّورة الفلسطينيّة، واعتبارها قيادة طوارئ تقود انتفاضة شعبيّة مسلّحة بكافّة أنواع الأسلحة المتاحة، والإعلان عن الانسحاب من جميع الاتفاقيات الموقّعة مع الكيان الصّهيوني وفي مقدّمتها ملحق باريس الاقتصادي والتّنسيق الأمني المشؤوم والعمل على صيانة الوحدة الوطنيّة الصخرة التي تتكسر عليها كلّ أمواج مشاريع التّآمر ومحاولات تصفية القضيّة الفلسطينيّة.

وحيّا ياسين اجتماع القيادة الفلسطينيّة الذي عُقد يوم أمس في الضّفة الغربية، واعتبرها خطوة نحو حوار وطني فلسطيني لكافّة أطياف الشّعب الفلسطيني دون استثناء.

وكانت كلمة لمنظمة التحرير الفلسطينية القاها مسؤؤل الجبهة الديمقراطية في مخيم برج البراجنة أحمد سخنيني قال فيها: "نلتقى اليوم على وقع الشعب الثائر المنتفض في كل الميادين ليُعبر عن رفضه الكامل لهذه الجريمة السياسية المفضوحة لإبادة شعبنا ومشروعه الوطني أمام مرأى هذا العالم المُطالب بالاصطفاف إلى عدالة قضيتنا لإنهاء الحد الفاصل بين الحق والباطل، بين الذل والعبودية بين العدالة والظلم".

 

واعتبر إن إفصاح الإدارة الأمريكية عن بنود مشروع صفقة ترامب- نتنياهو بالاعتراف بحق اسرائيل بيهودية الدولة وضم مناطق الأغوار والبحر الميت وكافة المستوطنات في الضفة الغربية واعتبار القدس العاصمة الأبدية لدولة الاحتلال وشطب حق اللاجئين في العودة وسرقة ما يزيد عن 40 بالمئة من أراضي الضفة الغربية لضمها للاحتلال في ظلّ انبطاح وتصفيق تطبيعي عربي من الإمارات والبحرين وسلطنة عمان هو بمثابة نهاية مسار سياسي لم يعد بحاجة إلى مزيد من القرارات المعلقة، بل يتطلب ردًا عملياً على مستوى الحدث عبر التطبيق الفوري لقرارات المجلس الوطني بسحب الاعتراف بدولة الاحتلال والإعلان الرسمي عن انتهاء مرحلة اوسلو ووقف التنسيق الأمني وتجميد بروتوكول باريس الاقتصادي، وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية واعتماد استراتيجية وطنية موحدة تستند إلى المقاومة بكافة أشكالها وصولاً إلى الانتفاضة الثالثة تنطلق في الضفة والقدس، تتآخى مع المقاومة المسلحة ومسيرات العودة في غزة وحركة اللاجئين في الوطن والشتات .

وأكد على الموقف الثّابت للفصائل الفلسطينية بالنأي عن النفس عما يجري من حراك لبناني، مُتَمَنّيا للبنان الشّقيق الخروج من أزمته، داعياً الحكومة اللّبنانيّة إلى ضرورة أن يكون في صلب بيانها الوزاري الملف الفلسطيني من كافّة جوانبه على قاعدة الحقوق والواجبات ليشكّل دعماً لحقّ العودة عبر الإفراج عن الحقوق الإنسانيّة والاجتماعيّة للاجئين الفلسطينيين.

كما طالب الأونروا العمل على خطّة طوارئ إغاثيّة عاجلة وشاملة لشعبنا الفلسطيني في ظلّ انعكاسات وتداعيات الأزمة اللّبنانيّة، متمنياً عليها الاستجابة لمطالب اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا.

وفي نهاية كلمته أكد على أن نضالات الشعب الفلسطيني ستبقى مستمرة حتى إنجاز الحقوق الثّابتة غير القابلة للتّصرف في العودة وفي الدّولة المستقلّة وعاصمتها القدس.

وفي مخيم شاتيلا انطلقت مسيرة ضخمة جابت الشوارع الداخلية واقتصرت على الهتافات ورفع اللافتات وأعلام فلسطين دون إلقاء الكلمات وتُرك تعبير الرأي للأهالي الذين استرسلوا بالهتافات المؤكدة على التصدي لمشروع إنهاء القضية الفلسطينية وحق العودة للاجئين.