عندما تأسست الأمم المتحدة عام 1945 كانت القضية الفلسطينية تقف على أبوابها، بمعنى ان عمر هذه القضية من عمر منظمة الشرعية الدولية وهي الوحيدة تقريبا التي لم تجد لها حلا، وتزداد تفاقما، بالرغم من عشرات القرارات التي أصدرتها الامم المتحدة منذ عام 1947.
منظمة الشرعية الدولية هذه، رضخت لمنطق نكبة عام 1948 الظالم وقامت بتغييب القضية الفلسطينية عن جدول اعمالها كقضية حقوق سياسية، واكتفت الامم المتحدة بقرار تصدره سنويا يمدد تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونوروا". القضية لم تعد لجدول الاعمال الا بعد ان فرضت عودتها الثورة الفلسطينية عام 1974 عندما وقف ياسر عرفات على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة واطلق مقولته الشهيرة "احمل بندقية الثائر بيد وباليد الاخرى احمل غصن الزيتون.. فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي".
وفي حينه اعترفت الامم المتحدة بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة التي تحددت بحق العودة وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. هذه الحقوق تم التأكيد عليها من قبل الامم المتحدة سنة بعد سنة منذ ذلك التاريخ، وبهدف دفع العالم للعمل من أجل تنفيذ هذه الحقوق على الارض قررت الامم المتحدة اعتبار يوم 29 تشرين ثاني/ نوفمبر، وهو يوم صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
قبل ايام، في الامم المتحدة صوتت 170 دولة تدعم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني مقابل دولتين هما الولايات المتحدة واسرائيل. وقبل ذلك بأيام صوتت 147 دولة لصالح تمديد تفويض الاونروا، الامر الذي اعتبر صفعة قوية لادارة ترامب الذي عمل كل شيء من اجل تقويض هذه المنظمة الدولية، التي تعتبر شاهدا على وجود واستمرار قضية اللاجئين الفلسطينيين.
عشرات القرارات، التي لو طبق قرار واحد فقط منها لأسهم في ايجاد حل لهذه القضية الشائكة. كل قرارات الجمعية العامة وكل قرارات مجلس الامن رفضت احتلال اسرائيل ورفضت الاستيطان وتهويد القدس واعتبرت انتهاكا للقانون الدولي ودعت لتفكيك هذه المستوطنات، ودعمت قرارات حق العودة وحق تقرير المصير والاستقلال للشعب الفلسطيني، كل هذه القرارات بقيت حبرا على ورق، وبقيت في ادراج المنظمة الدولية.
من دون شك ان صمود الشعب الفلسطيني واصراره على حقوقه الوطنية ولم يبخل يوما في تقديم التضحيات في سبيل حريته واستقلاله. ومن دون شك ان هناك مواقف من معظم دول العالم تدعم وتتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، الا ان كل ذلك لم يترجم الى دولة فلسطينية برغم شبه الاجماع الدولي لصالح مبدأ حل الدولتين.
واليوم ومع اصرار ترامب قولا وفعلا على تصفية القضية الفلسطينية عبر "صفقة القرن"، فان كل تلك الدول التي اكتفت حتى الآن بالاقوال الجميلة آن لها أن تنتقل لدئرة الفعل والمبادرة بالاعتراف بالقضية وبالدولة الفلسطينية والعمل من أجل ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. الانتقال للافعال فيه مصلحة للبشرية جمعاء خصوصا ان ما يقوم به ترامب وشريكه نتنياهو ليس تصفية القضية الفلسطينية وانما هو تصفية لمنظومة القانون الدولي التي صاغتها البشرية بعد حربين عالميتين، من اجل الحفاظ على السلم العالمي.
هناك فرصة حقيقية اليوم، اكثر من اي وقت مضى لتحويل التضامن بالاقوال الى افعال، فالعالم اليوم اكثر إدراكا ان محاولات ترامب لن تتوقف عند تصفية القضية الفلسطينية وانما هي المدخل لانهاء القانون الدولي.
مطالبة العالم بالانتقال من الاقوال للافعال تشمل العرب جميعا، الذين ينبغي ان يدركوا جيدا ان مخاطر سياسات ترامب ومخاطر تصفية القضية الفلسطينية تهدد وجود الأمة العربية من اساسه.
يوم التضامن.. نريد أفعالاً

30-11-2019
مشاهدة: 278
باسم برهوم
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها