أكدت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، إن تعذيب ضباط الاحتلال الاسرائيلي، للأسير سامر العربيد أثناء التحقيق معه، تم تحت ستار أن القانون يسمح بذلك، ويفضح بوضوح مدى تواطؤ السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك القضاء، في الانتهاكات المنهجية لحق الإنسان في الحماية من التعذيب.
وطبقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية ولمحامي سامر، فقد منحت "هيئة قضائية" جهاز الشاباك تصريحاً خاصاً "باستخدام طرق استثنائية للتحقيق" في قضيته، ما أدى عملياً إلى إجازة استخدام أساليب ترقى إلى مرتبة التعذيب أثناء التحقيق معه.
يذكر أن الأسير العربيد اعتقل للمرة الأولى، في 26 أغسطس/آب، حيث أصدرت محكمة "عوفر" العسكرية أمر اعتقال إداري لثلاثة أشهر ضده، ولكنها عادت في جلسة لاحقة وأمرت بالإفراج عنه، وفي 25 سبتمبر/أيلول، قبضت وحدة خاصة تابعة للقوات الإسرائيلية على سامر العربيد مجدداً حيث اقتيد إلى مركز التحقيقات التابع للشاباك في المسكوبية بالقدس، ومنع من الاتصال بمحاميه، وفي 28 سبتمبر/أيلول، نُقل إلى أحد مستشفيات القدس المحتلة، بعد تعرضه لتعذيب جسدي وحشي، أفقده الوعي لعدة أيام وعرض حياته للخطر الشديد، قبل أن يتم اعادته إلى التحقيق، رغم حالته الصحية الحرجة.
وفي هذا السياق، قال صالح حجازي، نائب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إنها لفظاعة مشينة أن تواصل السلطات الإسرائيلية، بدءاً من الشاباك، ومروراً بالسلطة التنفيذية، وصولاً إلى المحكمة العليا، السماح باستخدام التعذيب تحت غطاء القانون".
وأضاف: فمن غير الجائز، بمقتضى المعاهدات الدولية، الملزمة قانوناً لإسرائيل، تبرير التعذيب، تحت أي ظرف من الظروف. وهذه القضية تفضح ادعاءات إسرائيل باحترام قضائها لحقوق الإنسان على أنها مجرد ادعاءات زائفة."
وطبقاً لما أدلى به محاميه، محمود حسان، وهو محامي في "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، كانت الكدمات على جسد سامر العربيد بادية للعيان عندما مثل في محكمة "عوفر" العسكرية، في 26 سبتمبر/أيلول، وأبلغ القاضي بأنه يتألم وغير قادر على الأكل. ورغم ذلك، تواصل التعذيب، ففي 28 سبتمبر/أيلول، نقل سامر عربيد إلى المستشفى بعد أن فقد الوعي. وأدخل المستشفى وهو مصاب بكسور في أضلاعه وبفشل كلوي. وهو الآن في حالة حرجة وعلى جهاز التنفس طوال الوقت.
وكانت "المحكمة العليا في إسرائيل" قد قضت، في 1999، بأنه بينما يظل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ممنوعين بصورة مطلقة، إلا أن محققي الشاباك ممن يستخدمون ما وصفته المحكمة "بأساليب التعذيب الجسدية" في حالات "القنبلة الموقوتة" يمكن أن يعفوا من المقاضاة الجنائية أو حتى من التحقيق معهم. ومنذ ذلك الوقت، قام محققو الشاباك بتعذيب مئات الفلسطينيين، متذرعين بحجة "القنبلة الموقوتة"، ولم يخضع أي منهم للمحاكمة.
وأضاف حجازي: "إن استهداف المدنيين وقتلهم تعد جريمة حرب، وما من شك في أن من يرتكبون أعمال القتل هذه وغيرها من الانتهاكات ينبغي أن يخضعوا للمساءلة عمّا تقترفه أيديهم، ولكن اللجوء إلى التعذيب أثناء التحقيق جريمة تستحق العقاب أيضاً، ويتعين على السلطات الإسرائيلية أن تضع حداً للاستخدام المنهجي للتعذيب وأن تضمن إخضاع المسؤولين عن تعذيب سامر العربيد، بمن فيهم أولئك الذين أصدروا الأوامر بتعذيبه والمسؤولين عنهم في الجهاز، للمحاسبة".
واختتم صالح حجازي تعليقه بالقول: "إن ادعاءات "القنبلة الموقوتة" لا صلة لها بأي صورة من الصور بالتحقيقات في التعذيب، المحظور حظراً مطلقاً، ولذا فلا ينبغي أن يتم اللجوء إلى مثل هذه الادعاءات بأية حال عند اتخاذ القرار بمقاضاة من مارسوا التعذيب".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها