إذا كانت حركة "حماس" لا تريد لصندوق الاقتراع حضورًا وواقعًا في انتخابات المجلس البلدية، فكيف إذن لأحد أن يصدق، وأن يفهم قبل ذلك، أنها تريد هذا الصندوق فعلاً، في الانتخابات العامة؟؟ ليست هذه أحجية، وما تفعله "حماس" منذ ثلاثة عشر عامًا وحتى اللحظة، يؤكّد وبلا أي جدل، أنَّ "حماس" الإخونجية الانقلابية، لا تعرف غير السياسات الإقصائية، وسيظلُّ أكثر ما يرعبها هو صندوق الاقتراع، وما يفرزه من إرادة الخيار الديمقراطي لأصوات الناخبين.
والواقع أنَّ "حماس"، وثلاثة عشر عامًا حافلة في سجلها، بمختلف سياسات القمع والإقصاء، لا تناهض صندوق الاقتراع فحسب، وإنّما تعاديه أساسًا، وما قرارها بتعيين مجلس بلدي لمدينة رفح من عناصرها، إلّا دليل آخر على هذه العداوة الحمساوية لصندوق الاقتراع، العداوة التي على أساسها تواصل "حماس" انتهاك مختلف الحقوق الدستورية والديمقراطية، للأغلبيات المقهورة في قطاع غزة المكلوم، وأبسطها حقهم في اختيار ممثليهم في المجالس المحلية، وسبق لحماس أن صادرت هذا الحق في مجالس محلية عديدة في القطاع المكلوم!!
ستظل "حماس" على هذه الحال، وستواصل التصدي لصندوق الاقتراع، لأنها تدرك أنَّ ما سيفرزه هذا الصندوق على صعيد الانتخابات المحلية، سيحد من سلطتها الإقطاعية، وعلى صعيد الانتخابات العامة سيقوض صندوق الاقتراع سلطة الانقسام البغيض، هذا الانقسام الذي بات واضحًا أنَّ "حماس" لا تريد نهاية له، ولا بأي شكل من الأشكال، ولأنه الحال الذي يبقي على صندوق الصراف الآلي حاضرًا في خدمة مشروع الإمارة الإخونجي!!
بين "حماس" وصندوق الاقتراع إذن ما صنع الحداد، لا بل إنَّ ما بينها وهذا الصندوق أبعد من ذلك وأكثر، ومثلهما مثل الخطين المتوازيين اللذين لا يمكن أن يلتقيا أبدًا!!
وبلغة الأدب السياسي، ما بين "حماس" وهذا الصندوق اغتراب، بحكمه لن تستطيع "حماس" أن تحّد مصيرًا لها، وستظل عاجزة عن امتلاك هويتها الشخصية، ونعني الوطنية هنا، بكونها مستلبة لهوية الجماعة الإخونجية، العدمية في المحصلة الواقعية!!
يبقى أن نشير إلى أنَّ "حماس" بقرار تعيين المجلس البلدي لمدينة رفح إنما تبعث برسالة واضحة لرئيس لجنة الانتخابات المركزية، مفادها أن أية انتخابات بالنسبة لها، لايمكن أن تمر دون تعييناتها التي تطرحها تحت شعار التوافق (!!) وهذا بالقطع ما لا يناسب الانتخابات الديمقراطية الحرة، وهذه هي "حماس"، وهذه هي حالها مع صندوق الاقتراع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها