خطاب الرئيس أمام الأمم المتحدة، يوم الخميس الماضي، كان تحريضاً للعالم على الاحتلال، وإعلاناً من الضعيف برفض الخضوع لسيطرة القوة وإملاءاتها.
وقد صاغ الرئيس الإجماع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وناب عنه، في خطابه، وتبناه وأعلنه، في النقاط الآتية:
1- رفض ودعوة العالم للرفض القوي، لما أعلنه نتنياهو، من وعود بضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات الاستعمارية للسيادة الإسرائيلية.
2- استخدام لغة قاطعة في إعلان هذا الرفض، لا تحتمل التأويل، ولا تتخفى وراء دبلوماسية تلطم البندقية باليد.
3- إعلان قاطع بإلغاء الاتفاقات، فيما لو تم ذلك، كون هذا التغيير هو ما يلغي ما تم الاتفاق عليه، بما يُفهم منه وقف التنسيق الأمني، الأمر الذي يفهم منه السامعون إطلاق أشكال النضال المسلح، ولو بالامتناع عن معارضتها.
4- وفي التدليل على أن هذا هو ما يشير إليه الرئيس، سأل الحاضرين بصراحة لا تحتمل التأويل: "ماذا كنتم ستفعلون إذا أتاكم من يأخذ منكم أرض بلادكم، ويقضي على وجودكم فيها؟ ما هو رد فعلكم؟".
5- تذكير المجتمعين نواب العالم بعجزهم السابق، بلهجة أخلت للوم مجالاً لم يكن الرئيس الفلسطيني قبل ذلك ليستغله، كما بدا في خطاب الاستنكاري: "آن الأوان لتنفيذ قرار واحد مما اتخذتموه من أجلنا، قرار واحد وإلا لا فائدة من كل هذه القرارات".
6- مما ترتب عليه ضرورة أن يقوموا بواجبهم، تجاه ما يمثلون من الشرعية الدولية، حين قال لهم: "إن مسؤولية حماية السلام والقانون الدولي تقع على عاتقكم. إسرائيل لم تحترم أي اتفاقية، نتمنى منكم أن تدفعوها لاحترام الشرعية الدولية".
7- الإعلان بعنصرية الدولة التي تفعل كل ذلك بالفلسطينيين، وتقديم الأدلة على ذلك، في قوله: "في القدس حرب عنصرية مسعورة تشنها دولة الاحتلال ضد كل ما هو فلسطيني، من مصادرة وهدم البيوت إلى الاعتداء على رجال الدين، إلى طرد المواطنين من منازلهم، إلى محاولات المس بالمسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، إلى إصدار القوانين العنصرية".
8- ولأن العالم تعود من الحركات الثورية على اتهام خصومها بالعنصرية، فقد كان على الرئيس أن يعلنهم بأن هذا الكلام منه ليس فورة من ثائر غاضب، بل هو الحقيقة الموضوعية القائمة بالقوة على الأرض. من هنا فقد كان لا بد أن يقول، ولقد قال مفسراً عنصرية إسرائيل، بما لا يستطيع أحد أن يخالفه: "الآن هناك قانون في إسرائيل اسمه قانون القومية، يفرق بين الناس على حسب دينهم وجنسهم. والعالم يبقى ساكتاً".
9- فضح سرقة إسرائيل للأموال الفلسطينية: "الأمر الذي زاد من معاناة شعبنا، حيث لم يعد بمقدورنا أن نفي بالتزاماتنا المالية تجاه مواطنينا، وفاقم الأزمة الاقتصادية".
10- فضح الولايات المتحدة وتحدي هيمنتها على العالم، بطريقة تزري باستهتار القوة الأميركية بالعدالة، إذ قال: "إن ما يدعو إلى الأسف ويثير الدهشة والاستغراب، أن الولايات المتحدة الأميركيةـ التي هي عضو دائم في مجلس الأمن، وبدل أن تصون السلام والأمن الدوليين، وتحترم قرارات الأمم المتحدة، تساند العدوان الإسرائيلي علينا، وتتنكر لمسؤولياتها الدولية والقانونية والسياسية والأخلاقية، بل لقد أقدمت على إجراءات غير قانونية غاية في العدوانية، عندما قررت الاعتراف بالقدس عاصمة ً لدولة إسرائيل".
11- إعلان أول موقف عربي. منذ ناصرـ يتحدى أميركا، في قوله: "إن كلام الولايات المتحدة وسفرائها ليس قدراً علينا إطلاقاً".
12- تجديد الرفض لقطع أميركا المساعدات الواجبة عليها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، واعتباره عملاً "غير أخلاقي وغير إنساني".
13- تجديد لرفض الفلسطينيين "ما يسمى بصفقة القرن" التي تعرضها أميركا التي لا تحفظ الاتفاقات، وإعلان ذلك بأقوى بلاغ، في قوله: "وما أعلنته كله مرفوض مرفوض مرفوض".
14- عرض آلية جديدة لمواصلة المفاوضات حول السلام، ترفض احادية أميركا راعياً لها، "تتضمن أطراً زمنية محددة لإنهاء الاحتلال واستقلال الدولة وإنهاء الصراع. هذا ما نطالب به وبصراحة نرفض رفضاً قاطعاً أية مفاوضات ترعاها دولة واحدة".
15- إعلان الحاضرين بالدعوة إلى "انتخابات عامة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وسنحمّل من يعترض على الانتخابات، المسؤولية أمام الله والمجتمع الدولي والتاريخ".
16- وأخيراً، ألقى الرئيس القفاز في وجه إسرائيل، بخصوص مطالبة إسرائيل بالامتناع عن صرف مستحقات الشهداء والأسرى والجرحى، فقال: "لن أخضع لما طلبته إسرائيل، لن أخضع، لو بقي عندي قرش واحد سأدفعه لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى ولن أمنع هذا عنهم".
بقلم: خضر مححز
*كاتب ومفكر إسلامي فلسطيني من قيادات "حماس" سابقاً.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها