محمّد ربيع عليّان، طفلٌ فلسطينيٌّ من بلدةِ العيسويّةِ المَقْدِسيّةِ، لمْ يُكمِلْ بَعدُ عامَهُ الخامسَ، يتشبّثُ بيَدِ والدِهِ، ولا يدري لماذا يَتجمْهَرُ حولَهُ كلُّ هؤلاءِ الصّحفيّينَ المسلَّحينَ بآلاتِ التصويرِ، ولماذا كلُّ هذا القَلَقِ الذي يلمسُهُ في كفِّ أبيه. لا يَفهَمُ محمّدُ معنى كلمةِ "استجواب"، لكنّهُ يَشعرُ بالقوّةِ لأنّ والدَهُ يُظلّلُهُ بُحبِّهِ، ويُطمئنُهُ بشراءِ كمّيةٍ من الحلوى أكثرَ منَ المعتاد.
هلْ هناكَ دولةٌ في العالمِ كلّهِ تستدعي للتحقيقِ طفلاً لم يُكمِلْ عامَهُ الخامسَ؟ نعم، إنّها دولةُ الاحتلالِ والاستيطانِ الإسرائيليّ، "واحةُ الديمقراطيّةِ في الشرقِ الأوسطِ" و"وريثُ عذاباتِ اليهودِ وآلامِهِم". كلَّما ظنَّ العالمُ أنّ إسرائيلَ قدْ وصلَتْ بوحشيّتِها إلى الحَضيضِ يُفاجِئهُ قادتُها أنّ لَدَيهِم مَخزونًا لا ينضَبُ منَ الإدمانِ على القتلِ والإرهابِ وامتهانِ الكرامةِ الإنسانيّة. فبعْدَ أيامٍ معدوداتٍ منْ جريمةِ التطهيرِ العرقيّ في وادي الحمص يلجأ "المخطّطونَ الاسترايجيّونَ" في دولةِ الاحتلالِ إلى استهدافِ الأطفالِ، ليسَ بالقنْصِ أو بالحَرْقِ أحياءً أو بالدّفنِ تَحْتَ أنقاضِ البيوتِ المدمّرةِ كما عوَّدونا دائمًا، وإنَّما باللجوءِ هذهِ المَرّةَ إلى الإرهابِ النفسيِّ الذي يَهدِفُ إلى كَسْرِ إرادةِ الأطفالِ وبثِّ الرُّعْبِ في أوصالِهم وابتزازِ عائلاتِهم..
 لن تَجنيَ إسرائيلُ منْ معركَتِها معَ الطفلِ محمّد سوى الخيبةِ والهزيمةِ، فكما أنّ جرائمَها لم تَكسِرْ عزيمةَ الكِبارِ منْ أبناءِ شعبِنا، نُبَشِّرُ المحقّقَ الإسرائيِليَّ الذي تخلَّى عن شَرفِهِ وإنسانيّتِهِ عندما "استجوبَ" الطفلَ محمّد، أنّ مَصيرَهُ ومستَقْبَلَ دَولتِهِ كلّها سيُحدِّدُهُ هذا الطفلُ وأقرانُهُ مِمّنْ تُصِرُّ إسرائيلُ على أنْ تكونَ كراهيّتُهُم لها خيارَهُم الوحيدَ.
في الثلاثينَ من تموز/ يوليو ٢٠١٩ دخلَ الفلسطينيُّ محمد ربيع عليّان التاريخَ منْ أوْسعِ أبوابِهِ كأصْغرِ طفلٍ في التاريخِ يَخضعُ للتّحقيقِ لأسبابٍ سياسيّةٍ. طفلٌ جَرَّ إسرائيلَ بيَدهِ الصغيرةِ وأدْخَلَها عاريةً إلى قَفَصِ الاتِّهامِ كنظامٍ عُنصريٍّ لا يَملِكُ مِثقالَ ذَرّةٍ منَ الأخلاق.
٣١-٧-٢٠١٩
رسالة اليوم
رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.