عنوان هذه الكلمة هي عبارة للرئيس أبو مازن، التي افتتح بها حديثه للعاملات والعاملين في وسائل الإعلام المحلية والعربية، بمقر الرئاسة في رام الله، مساء الأربعاء الماضي، وعلى نحو ما نعرف في أصول عمل الإعلام والصحافة فإنَّ هذه العبارة تكشف وبصورة بليغة، عن شرط المهنية الموضوعي، الذي يجعل من الخطاب الإعلامي خطابًا معرفيًّا وأخلاقيًّا، ومتعافيًا في مسؤوليته ومصداقيته، وهو يتحرّى الخبر من مصادره المعتمدة، لأنَّ "ما يُسمّع عنّا" غالبًا ليس غير الشائعة، وتقولات الفبركة والتزوير مدفوعة الأجر، والتي لا تسعى لغير الفلتان الإعلامي ولأغراض تشويش الرأي العام الفلسطيني والعربي، كي لا يجمع على موقف واحد موحد تجاه ما تتعرّض له القضية الوطنية المركزية من مخطّطات تآمرية تستهدف  تصفيتها تمامًا، وفي مقدمتها اليوم مخططات الإدارة الأميركية المتصهينة!!
وفي العبارة أيضًا، مصداقية الحديث والمتحدّث "اسمعوا منا" لأنَّ المعلومة هنا بين أوراق الشرعية، وفي رؤيتها وسياستها وبرامج عملها، ولأنَّ الحقيقة هي هذه بتمام وضوحها، تجلّى الرئيس أبو مازن بصراحة مقولته السياسية وصوابها، وبيقين لافت فاض في التعبير عن ثقته بالمستقبل، برغم معضلات وحصارات الواقع الراهن، لأنَّ قلم القرار الوطني الفلسطيني المستقل، قلم الإرادة الوطنية الحرة، لن يوقّع إلّا على ما تريده فلسطين من حرية واستقلال وسيادة، وعودة عادلة للاجئيها وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وعلى إسرائيل اليمين العنصري المتطرّف، والإدارة الأميركية معا، أن يدبّرا شؤونهما إن استطاعا في مواجهة هذا القلم بحامله الرئيس أبو مازن.
 نحن باقون هنا، صامدون على أرض بلادنا، ولن نذهب إلى أي مكان آخر، ولقوة الحق صوابها وحتمية انتصارها.
و"اسمعوا منّا ولا تسمعوا عنّا" لأنَّ أهل مكة أدرى بشعابها، ولأنَّ الجراح النبيلة أصدق دائما، ولأنَّ قول الحق أبلغ من كل قول، إذ هو قول الإيمان والتقوى والأمل، ولأنَّ خطاب المسؤولية الوطنية والنضالية والأخلاقية، يظلُّ أبدًا ضد الخديعة والوهم وزخارف الشعارات اللغوية، وهذا هو خطاب الرئيس أبو مازن أينما حل وعلى أي منبر كان.
كثيرون من زملاء المهنة، خرجوا من هذا اللقاء، بغبطة وطنية بالغة، رأيناها في وجوههم الباسمة، وسمعناها بتعليقاتهم السريعة، والحال لأنّ الرئيس أبو مازن كان واضحًا في قوته وثقته، وسلامة رؤيته، وصلابة وشجاعة موقفه القيادي الذي أطاح  قبل قليل وبالإجماع الوطني، أطاح بورشة كوشنير، وقد بدت معه فلسطين وهو على هذه الحال، قوة عظمى بموازين قواها العامرة بأسلحة الإيمان والإرادة الوطنية الحرة، وإرادة الحق التي لن تغلبها أية إرادة مهما بلغت قوتها، ومهما توغّلت هذه القوة في فحش العدوان ووحشيته، وهذا بالطبع ما يبعث على الغبطة وتفتُّح الأمل والثقة بحتمية مستقبل الحرية والاستقلال.