انفضَّ السامر وغادرت الوفود المنامة إلى بلادها دون عقد مؤتمر صحفي للمشاركين في الورشة أو حتى تعليق عمّا جرى وإلى أين ستتّجه الأمور فيما بعد.
البعض رأى أنَّ المؤتمر فشل فشلاً ذريعًا، والبعض اعتبره بداية النهاية لوضع حد للوضع الاقتصادي المتردي لدى الشعب الفلسطيني، والكثير من المشاركين لم يُبدوا رأيهم سواء بنجاح الورشة أو فشلها، فقط كوشنير هو من تحدّث في الورشة واعتبرها ناجحة جدًّا .
المهم ما بعد الورشة، والتي من المؤكِّد أنَّها لم تكن بالمستوى المطلوب، ولا ترقى إلى درجة مقبول، لكن يجب الحذر ممّا بعد الورشة، خاصّةً أنَّ أمريكا لا تقبل الفشل أو الهزيمة، ولا ترضى أن يفشل ابنها الوسيم جوز الست في أول تجاربه السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والذي يبدوا أنّه يجهّز ليكون الرئيس الأمريكي في قادم الزمن.
لذلك ومن غير المستبعَد أن تحاول أمريكا بكلِّ الوسائل المتاحة وغير المتاحة تمرير الصفقة التجارية كمقدّمة فيما بعد للصفقة السياسية التي هي لبّ الموضوع وعليها تدور الدوائر.
لذلك ومن غير المستبعَد أن يستمر الحصار المالي للسلطة الوطنية، وتتوقَّف المساعدات، والتي جزء منها متوقّف أصلاً، بل وأن يزيد الحصار المالي حتى ترضخ السلطة للأمر الواقع، وتقبل بالصفقة الاقتصادية وبعدها بشكل أوتوماتيكي بالصفقة السياسية .
أصبح لدى الجميع إجماعٌ على أنَّ خيوط المؤامرة واضحة، بل والمخفي فيها أيضًا، إذ لم تعد هناك بنود سرية وبنود علنيّة، لقد سقطت ورقة التوت، وبانت العورات، ولم يعد شيء مخفيًّا، والخطوات العقابية قادمة لا محالة حتى ينال التعب من عزيمة الفلسطينيين ويوافقوا على ما خُطِّط ودُبِّر له في الليل والنهار.
لذلك على الفلسطينيين أخذ الأمور على محمل الجد، وأن لا يستهينوا بما سوف يوضع في طريقهم من عقبات، وقد تستمر دولة الاحتلال بخصم أموال المقاصة ولن تعيد المبلغ بالكامل، وتظل معاناة الموظفين مستمرة، والتي عكست حالها على الوضع الاقتصادي الداخلي بشكل عام ولافت للنظر .
من المؤكَّد أنَّنا سنمر بسنوات عجاف، لكن مَن يريد الحُرّيّة والعزّة والكرامة والتخلُّص من براثن الاحتلال عليه أن يعلم أنَّ النّصر صبر ساعة، ومرحلة العض على الأصابع قد بدأت منذ مدة، والعالم ينتظر مَن يصرخ أولاً الفلسطينيين أم دولة الاحتلال، فالذي يصرخ يخسر كلّ شيء، لذلك لن يسمع العالم صراخ الفلسطينيين، لأنّهم أصحاب حق عادل وقضية نبيلة وشريفة، وشعبنا يلبي النداء عند الحاجة، ولم يُسَّل سجل عليه مرةً أنّه خذل قيادته عندما يطلبه الواجب الوطني.