تصريحات الرئيس ترامب في لوساكا اليابانية، على هامش قمّة العشرين الأغنى في العالم، تُثبِت أنَّ الصفعة التي تلقّاها من موقف القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني كانت قوية، لكنّه وكعادة المتغطرسين لا يعترف بالهزيمة التي تلقّاها وصهره كوشنير في المنامة. ترامب وكما أنّه الفك المفترس هدَّد وتوعَّد بمواصلة الضغوط والحصار، قائلاً إنّه والزمن طويل هو وهذه القيادة، وأنَّ تركيع الفلسطينيين سيتمُّ على يديه وخلال فترته الرئاسية.
ولو لم يكن متغطرسًا لفهم درس المنامة، وأعاد الحسابات، وعاد بيُسر بالمسألة انطلاقًا من القانون الدولي والاعتراف بحقائق التاريخ والواقع.
ترامب لا يعرف -وعلى الأغلب لا يريد أن يعرف- كيف صاغ الشعب الفلسطيني هُويّته الوطنية ومدى ارتباط هذا الشعب بأرضه وتمسُّكه فيها. على ما يبدو أنّه لم يقرأ من التاريخ سوى وعد بلفور، الذي قال إنَّ فلسطين الوطن القومي لليهود، وإنَّ للطوائف الأخرى حقوقًا دينية ومدنية فقط. المشكلة في ترامب أنّه لم يسأل الإنجليز لماذا لم يستسلم الفلسطينيون لوعدهم وللمشروع؛ الصهيوني لكان اختصر على نفسه وعلى صهره مشقة المنامة.
هو، أي ترامب، كان يعتقد أنَّ الشعب الفلسطيني أنهكه الصراع على امتداد أكثر من مائة عام، وأنّه في لحظة انقسامه الداخلي وانهيار العرب من حوله سيركع له مقابل لقمة العيش، ولكنَّ المفاجأة كانت أنَّ الشعب الفلسطيني عصي على الانكسار، وأنَّ هذه الضحية عصية على الموت. لا يدرك أنَّ شعبنا صنع هُويّته وصلتها بشكل متين عبر الصراع المرير وضمن ثلاث ركائز: الانتماء والارتباط القوي بالأرض والكارثة النكبة التي حلَّت به، وبما فيها من مآسٍ، ومن كفاحه ونضاله ومقاومته المستمرة للمشروع الصهيوني.
لم يلاحظ ترامب برود أعصاب الشعب الفلسطيني، رغم أنّه يحاصرهم ويضغط عليهم، لذلك هو ونتنياهو فقدا صوابهما، فتصريحات الطرفَين عن رفض الفلسطينيين حضور ورشة المنامة تؤكِّد أنّهما كالفَكِّ الاستعماري المفترس عبر التاريخ لا يمكن إلّا أن يكون مفترسًا للشعوب متناسين أنَّ بإمكان الفريسة أن تقاوم وتنتصر.
ترامب يُصرُّ أن يكون الفكَّ المفترس
01-07-2019
مشاهدة: 180
باسم برهوم
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها