ها قد أغلقت ورشة البحرين الاقتصادية للسلام والازدهار أبوابها، وسارع البحرانيون أو البحارنة إلى تطهير شوارعهم من رجس أصابها، بينما يُعلن "كوشنير" أنَّ ورشته حقّقت نجاحًا منقطع النظير، ويرى الكثير من المحلِّلين والمتابعين للشأن السياسي في الشرق الأوسط أنَّها فشلت قبل أن تبدأ! وهذا ما بشَّرت به صباح هذا اليوم الصحيفة الأمريكية الأشهر "نيويورك تايمز".
ولم تغفَل وسائل التواصل الاجتماعي عن أن تدلي بدلوها في شأن هذه الورشة حتى عقدوا المقارنة بينها وبين أكبر صفقة طلاق في العالم لزوجة مؤسّس شركة أمازون "جيف بيزوس"، التي بلغت قيمة ما حصلت عليه نحو 35.6 مليار دولار، في الوقت الذي تراجعت فيه القيمة المطروحة لـ"بيع فلسطين" من 500 مليار دولار إلى 50 مليار أغلبها قروض لمدة عشر سنوات!
فهل هي حقًّا "فرصة القرن" كما يصفها "كوشنير"، الذي رفض تشبيها بـ"خطة مارشال" لإنعاش أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، أم أنَّ الوصف الأنسب لها هو ما جاء في تغريدة للسيد وليد جنبلاط حيث غرَّد قائلاً: "في عهد السلطان عبد الحميد طلب "تيودور هرتزل" شراء فلسطين لنقل يهود العالم إليها فرفض السلطان".
وأضاف السيد جنبلاط قائلاً: "اليوم في البحرين سيطلب حفيد "تيودور هرتزل" الصهر "جاريد كوشنير" من العرب بيع فلسطين لنقل أهلها إلى الأردن، وإلى سيناء، وإلى لبنان، وإلى سوريا، إلى الشتات، فهل سيفعل العرب ما رفضه العثمانيون؟".
لكنَّ "كوشنير" ومَن يقف وراءه أكثر "وقاحة" من "هرتزل" إذ يفرضون على "حكام الخليج" تمويل هذه الرشوة، ويبرّر ذلك بأنَّ الفلسطينيين أضاعوا الكثير من الفرص!!
ولذلك ومن شدّة إعجابه بمشروعه، لم يجد بدًا إلّا أن يسأل توني بلير، ماذا لو كنت رئيس السلطة الفلسطينية؟
فيأتيه الجواب المباغت أنَّ "الحل سهل، ويكمن في أن يعيش الشعبان الجاران بسلام في دولتين"!!.
لكن هذا يخالف تمامًا رغبة "ترامب" وصهره "كوشنير" وباقي الفريق من "المحافظين الجدد" أو أرباب "الصهيونية ـ المسيحية" الذين يرون بأن فلسطين هي "مملكة اليهود".
إذًا، إلى أين تأخذنا ورشة المنامة بخطتها الاقتصادية، والتي لم تقارب المصطلحات السياسة لـ"صفقة القرن" حرصًا على بعث الأمل في النفوس من خلال الرخاء الاقتصادي المصلوب على الحواجز العسكرية الإسرائيلية؟!
إنَّ أبسط ما يقال عن نتائج هذه الورشة الكارثية أنَّها أعادت القضية الفلسطينية إلى المربّع الأول! فماذا نحن فاعلون لمقاربة هذا الطرح؟!
هل يسعفنا الانقسام بأن يعطي الفرصة للبعض بالقبول بالوهم الذي تبشر به الخطة لمن يرغب بالعيش "مدجّنًا تحت الاحتلال؟!".
هل يكيفنا أن نظلَّ "سلطة واهية" تدفع كلفة الاحتلال وتسمح له باستنزاف أرضنا ومواردنا الطبيعية دون أن تنبس ببنت شفة؟!
هل علينا الإصرار على التعلُّق بمشاريع تسوية لم يعد لها وجود، لا على أساس حل الدولتين، ولا حل الدولة الواحدة؛ "دولة الأبارتيد" التي أقرَّها "قانون القومية اليهودية"؟! ماذا عن الخيار الصعب؟!
الخيار الأسلم القائم على الوحدة الوطنية، وتجسيد الدولة على الأرض بكافة الوسائل المتاحة مهما بلغت المشقة، ومهما بلغت التضحيات! فهل نحن جاهزون؟!