الانقلابيون عاكفون على جبهة العداء للصحافة عموما، والوطنية خصوصا، ولن تسمح "حماس" لكلمة الحق بالتجوال في قطاع غزة، فقانون إرهابهم الفكري مازال ساري المفعول، وعملية غسل أدمغة المواطنين المخطوفين لم تبلغ أهدافها رغم الجهود والميزانيات الهائلة المخصصة لمحو مكونات الذاكرة الوطنية، والإطباق على الرؤى والإبداعات، حيث الرفض المطلق للآخر حتى لو كان كظلهم.
"الحياة الجديدة" لا مكان لها في دويلة الإخوان، سواء كانت صحيفتنا الغراء، أو نمط الحياة الجديدة بأفكارها ومنهجها الوطني التحرّري التقدُّمي، فالمسيطرون بقوة النار والحديد يقرّرون الكلمات والصور المسموح لها بالتسكع في شوارع أمارتهم.
فعلة مشايخ "حماس" بمنع صحيفة الحياة الجديدة- النسخة الورقية- من الوصول إلى جمهورها في قطاع غزة تبرهن على تأصل عداء مشروع الإخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس للصحافة، وتزيل الغبش عن عيون الذين يرون مشايخ حماس في موقع الوسطية قياسا للجماعات المتطرفة، فالانقلابيون يثبتون للعالم أن الدكتاتورية والتطرف والإرهاب الفكري على خط واحد بالتوازي، وأن أدعياء الوسطية يأخذون الخداع سبيلا بأدوات وأساليب وصور تبدو لناظرها وكأنها قابلة للتعايش مع الآخر والتسليم بحقوقه وحريته!!
صحيفة الحياة الجديدة ممنوعة من التوزيع في قطاع غزة بقرار من أمراء وعسكر الحكومة الربانية!! ليس لأن مقالات كتابها، وتقاريرها وأخبارها تسبب لهم صداعا دائما وحسب، بل لأن الحياة الجديدة شقيقة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، في عائلة الإعلام الرسمي الوطني، ولأن حماس كانت تنتظر الإشارة لبدء الهجوم من جبهتها على الإعلام الرسمي، بعد انطلاق شرارته قبل أيام تحت عناوين النزاهة والمساءلة، ولأن حماس لا تحتمل غير ورقها المرقوم بالأكاذيب والأوهام، والكلام العدمي العبثي المباح على منابر المساجد المحتلة بقوة سلاح عسكرها.
"حماس" المنقلبة على السلطة الوطنية الفلسطينية بمكوناتها الثلاثة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، من البديهي أن تكون معادية للسلطة الرابعة (الصحافة) فالصحافة ووسائل الإعلام التي تعترف بها هي تلك التي تخرج من طيات عباءات مشايخها وساستها وربيبتها الإسرائيلية التي اعتمدتها كمراجع ومصادر لفتنتها، تخرب بمفاعيلها وتأثيراتها قواعد السلم الأهلي والمجتمعي، وتنشر فيروس العداء بين الأخوة في العائلة الواحدة.
العدائية والكراهية للقيم الوطنية الثقافة الإنسانية ولمبدأ المعرفة وإعلام وتعليم الناس الحقائق أهم دوافع حماس لمنع (الحياة الجديدة) من الوصول إلى غزة. فالقضية أنَّ "حماس" تسعى لمحاصرة مشروع المطبعة الوطنية الذي سينقل الحياة الجديدة إلى آفاق جديدة، أمّا إرهاب حماس لمجلس إدارة المؤسسة وإدارة الجريدة، وهيئة تحريرها وكتاب الرأي في زواياها، والصحفيون العاملين فيها أيضا، والتلويح بسيف قضائها الانقلابي الباطل، فلا يحتمل إلّا تفسير واحد وهو أن الحرية والحقيقة مطلوبتان للإعدام في زنازين سلطة الانقلابين. وأن انتهاك قداسة الكلمة وروح الإنسان هو الجهاد الأعظم لمشايخ حماس.
ستبقى "الحياة الجديدة" كما عهدها المتلقي الفلسطيني، رسالة مهنية وطنية، وستبقى صحيفة صديقة للباحثين عن الحقائق، وتعزيز الوعي الوطني، وبلورته، وبعثه مشعًا كعهده كلّما تراكم عليه غبار الجماعات الفئوية العصبوية والمفاهيم السامة الشبيهة برماد البراكين.
نحن صحافة وطنية لا نريد أن نكون في موقع العداء لأحد، فمهمتنا أولاً وأخيرًا إيصال رسالتنا بسلام، فالعقل السليم محصّن لا يخترقه باطل، والحقيقة والمصداقية والانتماء مفاتيحنا للولوج إلى عرشه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها