نظَّم جناح دولة فلسطين في معرض الكتاب الخامس والأربعين في طرابلس ندوةً سياسيةً بعنوان "صفقة القرن والقضية الفلسطينية"، حاضر فيها عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" ومسؤول إعلام الساحة اللبنانية الحاج رفعت شناعة، اليوم الأحد ٢١-٤-٢٠١٩.

وتقدَّم الحضور أمين سر حركة "فتح" في منطقة الشمال أبو جهاد فيّاض، وحشدٌ من ممثّلي الفصائل والأحزاب الفلسطينية واللبنانية، وفعاليات من مخيَّمات الشمال ومدينة طرابلس والمنية وعكّار.

قدَّم للندوة مسؤول إعلام حركة "فتح" في منطقة الشمال مصطفى أبو حرب، فلفتَ إلى أنَّ أولى خطوات تنفيذ صفقة القرن بدأت مع كونداليزا رايس التي قالت بتقسيم المقسَّم، وبالفوضى الخلّاقة التي دخلت إلى الدول العربية تحت مسمّى الحُرّيات وتخطتها إلى تدمير ممنهَج أسقط عواصم، وهيّأ لترامب تنفيذ مأربه عبر إهداء القدس والجولان للصهاينة، وقال: "لكن يبقى الاعتماء لإسقاط صفقة القرن على قيادة شعب الجبّارين ممثّلةً بالقائد الرئيس أبو مازن والفصائل الفلسطينية كافّةً".

ثُمَّ أُعطيَت الكلمة للحاج رفعت شناعة الذي رأى أنَّ مؤامرة صفقة القرن قد حيكت بعناية واهتمام، وأنَّ لها بدايات تأسّست سابقًا، وما زالت مستمرّةً حتى وصلت اليوم إلى مرحلة القطاف، وشدَّد على أنَّ صفقة القرن مشروع صهيوني ليس له أي شرعية دولية ولا يرتكز لأي قانون أو تشريع دولي".

وتابع: "صفقة القرن هي استكمال للمشروع الصهيوني الذي أُقرَّ في مؤتمر بال في العام 1897، حيث كانت ترجمته الأولى بتقسيمات سايكس بيكو، ومن ثُمَّ بإعلان بلفور الذي وعد الصهاينة بوطن قومي لهم في فلسطين. وعندما تمَّ تقسيم فلسطين في العام 1947 بقرار صوّتت عليه أغلبية دول العالم لإقامة دولتَين فلسطينية ويهودية برضا وقبول دولي لم يقبل الفلسطينيون بذلك، ولكن للأسف لم يكن هناك وعي عربي ولا دولي لحماية الحق الفلسطيني الذي رفض التقسيم وحاربه، إلا أنَّ (إسرائيل) قبلت به لطمعها بكامل أرض فلسطين".

وتحدّث شناعة عن الهجرة الفلسطينية من فلسطين جرّاء المجازر مقابل هجرة اليهود من كل دول العالم باتجاه فلسطين، وأضاف: "مشروع (إسرائيل) قائمٌ على مقولة أرضك يا (إسرائيل) من الفرات إلى النيل".

وأردف: "صفقة القرن هي مشروع تراكمي، والحركة الصهيونية تنظر إلى نفسها على أنها ما زالت في حالة تحرر وطني حتى طرد كل الفلسطينيين من أرض الميعاد. بالطبع نحن الفلسطينيين كنّا نعرف هذه المؤامرة منذ التقسيم، ولكنّ الشعب العربي كان يعيش في سبات فيما كُنّا نعاني الأمرَّين جرّاء التهجير، ومع ذلك انطلقنا بثورة مسلَّحة في العام 1965، وكانت حركة "فتح" طليعة ثورية وتبعتها العديد من الحركات الثورية الفلسطينية".

وتطرَّق شناعة إلى كيفية رسم دولة الكيان حدودها بالدم عبر حروب اشعلتها في العام 1956 في مصر، ثُمَّ حرب حزيران في العام 1967، وهزيمة ثلاث دول عربية واحتلال القدس والضفة وغزة، وبعدها حرب تشرين في العام 1973، حيث أحرز العرب تقدمًا عسكريًّا استدعى تدخل أمريكا لصالح (إسرائيل) للإبقاء على الحدود، ثُمَّ كانت اتفاقية كامب ديفد التي استعادت مصر من خلالها سيناء ولكنّها ألزمتها ببنود الاتفاقية الموقّعة، كما كانت اتفاقية وادي عربة مع الأردن التي أثّرت بدورها على الشعب الفلسطيني من خلال فرضها التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، تلتها اتفاقية أوسلو في العام 1994، والتي كان يجب على أساسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة في العام 1999.

وأكَّد الحاج رفعت شناعة أنَّ صفقة القرن مشروع لا يتعلّق بالقضية الفلسطينية فقط، وإنَّما يستهدف أيضًا دولاً عربية لأنَّ احتلال الجولان وأجزاء من لبنان هو من ضمن هذه الصفقة.

وتابع: "في الجانب الفلسطيني، بعد أن وُقِّعَ اتفاق أوسلو في العام 1994، كان يجب إقامة الدولة الفلسطينية خلال خمس سنوات، وهذا ما أدى إلى مقتل رابين على أيدي اليمين الصهيوني، ممّا جعل المشروع الفلسطيني في خطر. واليوم باتت الضفة العربية مستباحةً بالكامل ومشروع (إسرائيل) قائم على وضع الفلسطينيين في معازل محاطة بالمستوطنات. من هنا فإنَّ مشروع أوسلو في خطر، وهو بحاجة إلى أساليب نضالية جديدة. فـ(إسرائيل) متمسّكة بالضفة الغربية والقدس لأنّها بمنظورهم هي أرض الميعاد".

وأشار شناعة إلى أنّ المرحلة القادمة صعبة جدًا، وشدَّد على ضرورة أن تستعدّ كل الفصائل للمواجهة مع العدو الصهيوني، مؤكدًا أنّ لدينا من الامكانيات ما يجعلنا نتصدى ونسقط مشروع ترامب الذي ترك أميركا خلفه وجاء كي ينفّذ المشروع الصهيوني.

وقال: "نحن أمام ما يتم تحضيره نستعد لما هو آتٍ ومعنا كلّ الأوفياء للحق الفلسطيني، ولكن ما يضعفنا هو الموقف العربي المتخاذل الذي لم يُحسَم كي يتراجع ترامب".

وأضاف شناعة: "نحنُ أمام واقع صعب وعليه مطلوب منّا المحافظة على الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية لأنّ ترامب يراهن على فصل الضفة عن غزة ليُعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء، لكنَّ تماسك الضفة وغزة ووحدة القيادة لن تمكن ترامب من تنفيذ صفقته".

ونوَّه إلى وجود مشروع إقليمي ودولي لإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين لافتًا إلى أنَّ المرحلة القادمة تمثِّل اختبارًا قويًّا للشعب الفلسطيني عليه مواجهته بعقل واحد وغرفة عمليات واحدة.

وختمَ شناعة ندوته مؤكّدًا أنَّ العالم يقف إلى جانب الحق الفلسطيني وهناك أصدقاء كثر للشعب الفلسطيني في العالم.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان