نسب رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، يوم أمس الجمعة، تغيير السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي، وبضمنه الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وتصريح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأنه حان الوقت للاعتراف بـسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، إلى المهندس الأميركي، جورج ميتشل، الذي ابتكر تقنية استخراج كميات تجارية كبيرة من النفط والغاز بواسطة "التصديع المائي" (fracking) للصخور في باطن الأرض، بتكلفة معقولة.
وأشار بن إلى أن هذا الاكتشاف جعل الولايات المتحدة، في السنوات الأخيرة، الدولة الأولى في العالم في استخراج النفط، و"حررتها من التعلق المخيف بالسائل الأسود من الشرق الأوسط. وتراجع التخوف من استنفاد احتياطي النفط". واضاف أنه "تم التعبير عن هذه النتيجة بسرعة من خلال السياسة الخارجية الأميركية. والميل إلى شن حروب وإرسال قوات إلى الشرق الأوسط استبدلت بإعادة الجنود إلى الوطن، وتحررت السياسة الأميركية في المنطقة من قبضة السعودية، التي سيطرت على اقتصاد النفط العالمي طوال عشرات السنين، وحظيت بتأثير هائل في واشنطن".
وأدى هذا التحول، حسب بن، إلى استغلال الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، لهذه الطاقة الجديدة "من أجل التقرب من إيران، على حساب السعودية وإسرائيل، لكنه لم ينجح في إجراء تحول جذري في العلاقات مع طهران، باستثناء الاتفاق حول البرنامج النووي".
في المقابل، "اختار ترامب الدخول في خصومة مع إيران، وكسر التوازن الذي مارسه أسلافه منذ العام 1948، بين القوة الإسرائيلية والقوة السعودية في السياسة الأميركية". وفي هذا السياق، اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، "من دون الخوف من ردود فعل غاضبة من جانب دول الخليج، وتهديدات بالمقاطعة وحرق العلم الأميركي في العواصم العربية. كما أن ترامب لم يسارع إلى نشر خطة السلام الموعودة (صفقة القرن)، وطرح تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين، أو تبني مبادرة السلام السعودية، مقابل محفزات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو".
ولفت بن إلى أن نتنياهو تحدث لدى عودته إلى رئاسة الحكومة، عام 2009، عن "الأهمية السياسية لتقليص التعلق بالنفط، وحتى أنه شجع أبحاثا إسرائيلية لتطوير طاقة بديلة. وكان يأمل بأن الفطام عن النفط سيضعف القوة السياسية للعرب وتأثيرها على الدول الغربية. وتبين أن تحليله الإستراتيجي دقيق، لكن تقديرات التكنولوجية كانت متشائمة. وقد اعتقد حينذاك أن استقلالية الطاقة الأميركية بانتظاره، وأنه خلال ولايته ستتغير السياسة العالمية. والسخرية التاريخية هي أن الشارع المركزي الذي يقطع الجولان سمّيَ ’محور النفط’".
وشدد بن على أن اعتراف أميركي بـ"سيادة" إسرائيلية على الجولان لن يتبعه اعتراف من جانب الاتحاد الأوروبي ودول عظمى، وإنما سيتمسك هؤلاء بسياستهم، التي تمتنع عن أي تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلين منذ حرب العام 1967، من دون اتفاق بين إسرائيل والعرب. إذ أن الكثير من الدول تقاطع منتجات المستوطنات، في الضفة الغربية والجولان أيضا.
لكن بن حذّر من تأثير إعلان ترامب على السياسة الإسرائيلية الداخلية. "سيكون للاعتراف الأميركي بضم الجولان تبعات بالغة التأثير. وسيصعد اليمين ضغوطه من أجل إحلال القانون الإسرائيلي على المنطقة C في الضفة الغربية، التي تتواجد فيها المستوطنات كلها وعدد قليل من السكان الفلسطينيين. وسيواجه نتنياهو وجهاز الأمن، الذين رفضوا حتى الآن ضما فعليا لهذه المنطقة وفضلوا سيطرة إسرائيلية زاحفة، صعوبة متزايدة في الادعاء أن ’العالم لن يسمح بذلك’. وسيسأل المستوطنون ومؤيدوهم لماذا يعترف ترامب بكتسرين وعين زيفان (مستوطنتين في الجولان)، وليس بأريئيل وبيت إيل (مستوطنتين في الضفة). فها هي إسرائيل غيرت في الجولان موقفها من تسوية إقليمية إلى ضم ونجح هذا الأمر. وعلى هذا سيدور النقاش السياسي أثناء ولاية الحكومة المقبلة. وستواصل إسرائيل الغرق في تخليد الصراع مع جيرانها، بدلا من البحث عن مخرج منه".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها