مخاوف نتنياهو لا تنتهي، وأينما قام بحيلة يخدع بها شعبه، ويخدع بها النخب الإسرائيلية حتى لا يصل إلى مرحلة السقوط التي ترعبه، فان هذه الحيل تتكشف عن مخاوف أكبر تنتظره، يحاول أن يقوم بدور البطل، لكن التهم والوقائع والخيارات السياسية تفضحه من جديد، ولا يجد إلى جانبه يغطي عليه سوى ترامب الذي ذهب في أول سنتين من فترته الرئاسية إلى مبادرات داخل أميركا وأوهام خارج أميركا، ولكنها ظلت ملفات مفتوحة ضده، تقصف مضاجعه، وتصعد بهواجسه السوداء، وتثبت انه ليس بعيدا عن النهايات التي ينتظرها حليفه الفاسد نتنياهو.
منذ نهاية السنة الماضية، ومع بداية هذه السنة 2019 حاول نتنياهو أن يهرب من الانتخابات المبكرة، ولكنه لم يخرج.
فاضطر مرغما على حل الكنيست والذهاب إلى الانتخابات المبكرة في التاسع من ابريل القادم– لعبته التقليدية في أخذ حقائب ائتلافه الوزاري لم تعطه قوة إضافية بل أصبح مطاردا اكبر، وذهابه إلى الحركشة مع سوريا جلبت له تهديدات إضافية، واحتكاكه بلبنان تحت عنوان "درع الشمال" تكشف عن فضيحة إضافية، فالأنفاق التي طنطن بشأنها قديمة ما يسجل فشلا لاستخباراته، فعاد مرتدا مذعورا إلى حليفه الأرعن ترامب، الذي كان اطلع على الخطوط الرئيسية لصفقته الفاشلة المشؤومة والموؤدة، فانتقى منها نتنياهو ما يريد – القدس له هدية من ترامب، وحرب أميركية إسرائيلية شاملة ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه وقيادته الشرعية، ولكنه ارتد صاغرا وخائفا أكثر، فالشعب الفلسطيني يواجهه بفعاليات واسعة على صعيد القانون الدولي في مجلس الأمن والجمعية العامة- وعلى صعيد قرارات ومرجعيات الشرعية الدولية التي تعتبر مبادرة السلام العربية جزءا منها، فماذا يفعل الطرفان؟ فشعارات ترامب أميركا أولا انعكست عليه أزمات واستعصاءات داخل أميركا، أطول إغلاق حكومي فيدرالي في التاريخ، وحتى خلال إلقائه خطابا عن حالة الاتحاد فان السيدة بلوسي خصمه اللامع خطفت منه الأضواء وهي تصفق له باستهزاء كأنه الولد الضخم الجسم المجنون عقليا- ومبادراته للحرب الذرية مع الصين ترسل العناوين المتشائمة ولقائه الثاني نهاية هذا الشهر مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون يتهمه مساعديه أنها لن تنتهي بما كان يتوهم- ومغامرته في فنزويلا جعلته يستعين بالأدوات التافهة، ولا يفتح ملفا وينجح بإغلاقه بنجاح – حتى جداره مع المكسيك الذي يريد أن ينقش اسمه على حديده الصلب تحول إلى موجة جديدة من الفشل.
الوقت يقترب، فنتنياهو موعده ينتهي في التاسع من ابريل، وترامب يذهب بسرعة إلى 2020 عام الانتخابات الأميركية- فقرر ترامب أن يذهب إلى اجتماع أو مؤتمر أو فضيحة جديدة في وارسو، كان الهدف الأكبر هو الحشد ضد إيران، نتنياهو خائف وترامب خائف فطريق اللعب القديم أصبح مغلفا بالخطر، اجتماع وارسو حول الأمن والسلام في الشرق الأوسط والأفراح والزغاريد بان أميركا سيدة الموقف، القطب الوحيد أصبح نشيدا مملا.
ليس العالم مملكة واحدة على رأسها ملك واحد- بل خمسة ملوك، أميركا لم تعد ملكا من اثنين، بل هي واحد من خمسة ملوك ولو ان العرب في حالة صحيحة لأصبحت أميركا واحد من سبعة ملوك بإضافة السعودية ومصر- قريبا إن شاء الله ينتهي زمن الخوف العربي وزمن الخلاف المجاني العربي، وتنضم إلى نخبة من يقودون العالم – لنا مبررات بذلك – لنا ارث حضاري معترف به، لنا أهلية، لنا قضية هي القضية الفلسطينية نصعد من خلالها.
أما أكاذيب نتنياهو على شعبه بان العرب يطيعون بالمجان معه فقد كشفت الأجهزة الأمنية أن وثيقة سرية سعودية تقول انه لا بديل عن دولة فلسطين بما فيها القدس الشرقية، وهكذا ينكشف منذ البداية أن مؤتمر وارسو ليس سوى وهم وأكذوبة ولن ينتج عنه سوى الشؤم وقلة الاحترام، يكفي باللطمة الكبرى التي وجهت لمؤتمر وارسو وهي أن الشرعية الفلسطينية قاطعته، ورفضته، وكانت اللطمة قوية لترامب ومساعديه، واللطمة قوية لنتنياهو وأكاذيبه، والحقائق أقوى من كل الأوها.
مؤتمر وارسو.. أي أمن وأي سلام وأي مكان؟
16-02-2019
مشاهدة: 371
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها