قال الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، إن السلام لا يقوم بضرب الحقوق المشروعة للشعوب والتلاعب بالديموغرافيا وتغيير معالم الدول جغرافياً واجتماعياً وبالإمعان في العنصرية ورفض الآخر.
وأكد عون، خلال كلمة ألقاها أمام السلك الدبلوماسي ومديري المنظمات الدولية اليوم الاربعاء، بحضور سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، ان السلام الحقيقي لا يقوم من دون عدالة واحترام حقوق الشعوب الصغيرة قبل الكبيرة والفقيرة قبل الغنية والضعيفة قبل القوية. فمن أجل حقوق مثل تلك الشعوب وجدت المؤسسات الدولية، هكذا تقول مواثيقها، وأي حل لا يقوم على هذه المقاربة يحمل معه انهياره قبل أن يبدأ تطبيقه.
وأضاف: "السلام يقوم على الاعتراف بالحقوق، ولو كانت مكلفة، وعلى قبول الآخر ولو كان مختلفاً. والسلام، إن لم يكن عادلاً، يبقى على الورق، ولا ينسحب على الشعوب، وبالتالي لا يدوم."
وتساءل عون: أما العدالة الموعودة، والحرية المنشودة، فأين نبحث عنهما؟ هل في ضياع القدس؟ أم في صفقة القرن التي ستسرق من الفلسطينيين أرضهم وهويتهم؟ ... أم في لبنان الذي يجاهد للمحافظة على علة وجوده؟ أم في شعوب يُقرَّر عنها مصيرها ومستقبلها؟ لماذا كل ذلك؟ ومن أجل ماذا؟ يحق للشعوب التي تدفع الأثمان أن تسأل"!
وقال عون: "تبرز الى الواجهة صفقة القرن وقضية القدس، ويترافق ذلك مع ضغوط إسرائيلية متواصلة على لبنان، سواء عبر الخروقات الدائمة للقرار 1701، وللسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً بمعدل 150 خرقاً شهرياً، أو عبر الادعاءات والاتهامات والتهديدات. وعلى الرغم من كل ذلك يبقى لبنان حريصاً على تطبيق القرار 1701 والمحافظة على الامن والاستقرار في الجنوب اللبناني."
واكد أن التهديدات الإسرائيلية والضغوط المستمرة، والحلول الغامضة وما تحمله من صفقات، بالإضافة الى ضرب الهوية الجامعة للأرض المقدسة، عبر اعتماد القدس عاصمة لإسرائيل وإعلان يهوديتها، كلها إشارات منذرة بالخطر، ولا تنهي الحروب القائمة، بل تؤسس لحروب جديدة ولتهجير جديد وتطهير عرقي جديد.
وشدد الرئيس اللبناني على أن القدس، المدينة التي تحمل إرث الديانات السماوية، لا يمكن أن تكون مدينة معزولة ومحظورة؛ فالقدس، أورشليم، تحمل جوهرها في إسمها، مدينة السلام، أرض السلام، وما يحميها ليست أسوارها ولا جدرانها، لقد سبق وأحاطتها الأسوار ولفّها الجدار عبر التاريخ ولم تتمكن من حمايتها، منذ الملك سليمان حتى اليوم.
ولفت إلى أن ما يؤسس للسلام ليس الجدار ولا الأسوار ولا الدبابة ولا الطائرة، مؤكداً أن الجدار والأسوار تعزل، الطائرة والدبابة تدمران وتقتلان، فهل هذه مقومات السلام؟ .
وتابع: " منذ حوالي سبعة عشر عاماً انطلقت حرب دولية، تحت شعار محاربة الإرهاب وإرساء الديمقراطية والحرية، تأثرت بشعاراتها بعض شعوب منطقتنا، فانخرطت فيها، بشكل أو بآخر، وعلى مدى سنوات اتسّعت هذه الحرب، مشعلةً دولاً عديدة في الشرق الأوسط، مفجّرة إياها من الداخل، ومرسلة شظاياها في كل اتجاه. واليوم، يحق للشعوب التي دفعت الأثمان، بأن تسأل: هل أزهر الربيع في مجتمعاتنا وأوطاننا؟ هل صار العالم أكثر عدالة وأكثر حرية؟ للأسف لقد نما الإرهاب، وتوسّع، وتمدّد نشاطه ليشمل القارات الخمس."
وأكد الرئيس اللبناني ان التداعيات السلبية لزلزال الحروب المتنقّلة، أصابت دولاً عدة، فبالإضافة الى أعداد الضحايا والمعوقين والمشردين، هناك مجتمعات تفككت داخل الوطن الواحد، وضُرب التعايش بين مجموعات بشرية، سبق أن كانت تعيش معاً، وبرز جو من التباعد والكراهية، وشروخ قاسية يصعب ترميمها في المدى المنظور.
وختم عون "أغتنم الفرصة اليوم لأتوجه من خلالكم الى الأسرة الدولية التي تمثلون؛ مشددا على أن السلام- إذا كان السلام هو الهدف- لا يقوم بينما تجري الصفقات على حساب اللاجئ الذي طرد من أرضه وسلبت هويته."
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها