طالب الدولة المانحة بالضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن غزة

قال: نرفض تهديدات نتنياهو بخصم إيراداتنا الضريبية ونحذر من خطورة مصادرة أموالنا

قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله خلال كلمته أمام الاجتماع الخاص بلجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، "إن الشعب الفلسطيني يواجه في الآونة الأخيرة ليس تحديات سياسية فحسب، ولكن تحديات كبيرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، ولكن رغم كل هذه الصعاب فإن الشعب الفلسطيني يبقى متفائلا وأكثر تصميما على نيل الحرية وتحقيق السلام ويتوق إلى حياة مستقرة ومزدهرة".

وقدم الحمد الله في مستهل كلمته الشكر الجزيل للمملكة النرويج على الجهود التي بذلتها لعقد اجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة، ونقل تحيات فخامة الرئيس محمود عباس للمشاركين فيه.

وأضاف: "نرفض تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بخصم إيراداتنا الضريبية، وذلك استناداً إلى قرار الكنيست الاسرائيلي الأخير الذي سيصبح ساري المفعول اعتباراً من 1 كانون الثاني 2019، ونحذر من خطورة قيام حكومة إسرائيل بمصادرة وخصم إيرادات الضرائب الفلسطينية، لا سيما قيمة المخصصات التي ندفعها للأسرى أو لأسر الشهداء".

وتابع رئيس الوزراء: "إننا نقدر دور لجنة المانحين والدول المانحة وجميع المنظمات الدولية التي تقدم المساعدة لغزة، مع التشديد على أن غزة هي جزء لا يتجزأ من فلسطين، وباعتبارنا السلطة الشرعية يجب أن تظل حكومة توافق الوطني هي البوابة الوحيدة من أجل تنفيذ المشاريع في غزة، وهذا أمر لا غنى عنه لجهود المصالحة".

وطالب الحمد الله في كلمته الدول المانحة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لرفع الحصار عن غزة وتسهيل الحركة وتنقل البضائع، وكذلك السماح لمواطني غزة بالعيش بحرية، مشيرا إلى أنه من المجحف أن أكثر من 70? من مواطني غزة لم يغادروا قطاع غزة على مدى 12 عامًا.

وشدد رئيس الوزراء على أن حكومة التوافق بقيت تبذل قصارى جهدها لإعادة غزة إلى السلطة الشرعية، وقد اظهرت الحكومة استعدادها للعمل بشكل كامل في غزة لأداء واجباتها بحيث تكون مسؤولة عن جميع جوانب الحكم وهي السلطة والأمن وجمع الضرائب، ولكن حماس لم تتماشى مع هذا الهدف الوطني ورغم الجهود الدؤوبة التي تقودها مصر.

وأشار إلى أن المصالحة هدف استراتيجي للقيادة الفلسطينية، مثمنا الجهود الدؤوبة التي تبذلها جمهورية مصر العربية في هذا الإطار، مشددا على أنه ومنذ أداء حكومة التوافق الوطني قسمها في العام 2014 عملت على تعزيز الجهود الرامية إلى العودة الكاملة غير المشروطة للسلطة الشرعية إلى قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء: "لقد بادرت كرئيس حكومة توافق وطني إلى إيجاد حل فوري لإدماج الموظفين المدنيين الذين تم توظيفهم بعد انقلاب عام 2007 ومع ضمان عودة موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية الذين كانوا على رأس عملهم قبل العام 2007، ولكن من المؤسف فأن هذا العرض قد تم رفضه من قبل حماس".

وأضاف: "إن الحكومة وعلى الرغم من عدم تمكينها في غزة فقد بقيت ملتزمة بتوفير الخدمات الكاملة لمواطنيها في قطاع غزة، وفي مختلف القطاعات مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والخدمة المدنية وغيرها، وحتى هذه اللحظة فإن الإنفاق الشهري على غزة وحده هو 95 مليون دولار أمريكي". موضحا في هذا السياق أن الحكومة تمكنت بالتعاون مع المجتمع الدولي من تنفيذ مشاريع مهمة لصالح شعبنا في غزة بدءاً من إعادة الإعمار في قطاعات المياه والطاقة والصرف الصحي والعديد من المشاريع الحيوية.

واستطرد الحمد الله: "لن تتحقق تطلعات الشعب الفلسطيني بعيداً عن إقامة الدولة المستقلة"، داعيا الى توافق داخل المجتمع الدولي ودعمه من اجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وذلك حسب قرارات مجلس الأمن 242/338/194 والمبادرة العربية للسلام".

وفيما يتعلق في ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، أشار رئيس الوزراء، في كلمته، إلى أن إسرائيل تقوم بسلب القدس من هويتها الفلسطينية العربية، وتحاول تقسيم الضفة الغربية لا سيما من خلال خطتها المسماة "E1 " والتي تهدف إلى فصل الشمال عن الجنوب في الضفة، والتهديدات بضم المنطقة المسماة "ج" في الضفة الغربية في أي لحظة. مشيرا إلى أن هدم التجمع الفلسطيني في الخان الأحمر يهدف إلى شل تواصل الدولة الفلسطينية المستقبلية، وأشار إننا وفي هذه الظروف نتساءل: ما هي الدولة المتواصلة جغرافيا التي نتحدث عنها؟.

ودعا رئيس الوزراء المجتمع الدولي أجمع للاعتراف بدولة فلسطين، مشيرا إلى أن هذا هو الخيار العملي والافضل والوحيد لحماية حل الدولتين، مشددا على أنه حان الوقت من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن لإجبار إسرائيل على وقف نشاطها الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، وتدمير المشاريع التي تم إنشاؤها بدعم من المجتمع الدولي، وقف الانتهاكات للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية.

وأشار إلى أنه لا يمكن تغيير التاريخ ولا حذفه، ولكن التاريخ يجب أن يوفر الدروس المستفادة من أجل مستقبل أفضل. قائلا: "انه ومنذ الشتات والنكبة في العام 1948، لدينا لاجئون فلسطينيون يعيشون في مختلف أنحاء العالم. كما أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وتبقى حكومة فلسطين هي السلطة التنفيذية الوحيدة لخدمة شعبها".

وفي إشارته إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، قال رئيس الوزراء: "ان الوكالة انشئت بناءً على تفويض من الأمم المتحدة في العام 1950، وينبغي أن تظل كذلك إلى أن يتم حل مشكلة اللاجئين وفق قرار الأمم المتحدة 194 ومبادرة السلام العربية". مشددا على أنه لا يمكن لأحد أن ينكر حقوق 6 ملايين لاجئ فلسطيني في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول، ولا يمكن ان يتم تغير هذا على أساس انفرادي أو من قبل أي سلطة تحاول حلها بطريقة أخرى غير عادلة. وذكر في هذا السياق أن بعض الأطراف تعمل على بلورة اقتراحات بخصوص حلول بديلة لإنهاء ولاية الأونروا.

وقال: "انه من المهم التأكيد على أن فلسطين والدول المجاورة المضيفة للاجئين لن تسمح بحدوث ذلك، حيث ان هذه قضية سياسية وتاريخية ولا يمكن التنازل عنها أبداً، لا يمكننا قبول أي قرار خارج إطار قرار مجلس الأمن 194 والمبادرة العربية للسلام لحل قضية اللاجئين".

وأضاف رئيس الوزراء: "لقد حرم الفلسطينيون من حقوقهم السياسية، وكذلك العديد من حقوق الإنسان الأساسية الأخرى التي تحميها الاتفاقيات الدولية، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، وكما انه يوجد حرمان من حق العبادة في الأماكن المقدسة في القدس، وحرم الفلسطينيون من حق الحركة بحيث تم وضع مئات نقاط التفتيش والحواجز في جميع أنحاء الضفة الغربية، بينما الحدود البرية والبحرية والجوية تهيمن عليها إسرائيل بالكامل".

وتابع: "انه يتم تقويض تراثنا الثقافي وإغلاق المؤسسات الوطنية بشكل ملحوظ في القدس الشرقية والمنطقة المعروفة بمناطق "ج" في الضفة الغربية، وحتى ان علاقاتنا الاجتماعية والعائلية لم تفلت من عواقب إجراءات الاحتلال، متمثلا ذلك في الحرمان من لم شمل، ويحرم الفلسطينيون المغتربون من الوصول إلى وطنهم، ويمنع الفلسطينيين كذلك من الوصول إلى المواقع التاريخية أو الأثرية، وفي الآونة الأخيرة حتى الجانب الإنساني البحت قد تأثر بقرار الولايات المتحدة بقطع المساعدات عن المستشفيات في شرقي القدس".

وبيّن رئيس الوزراء أنه يمكن تحقيق وصفة عملية لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني من خلال ثلاث ركائز رئيسية وهي:

1 - سيادة القانون حيث ينبغي للأجهزة الأمنية الفلسطينية أن تحصل على الحرية الكاملة لكي تعمل بشكل أساسي في المناطق المعروفة بمناطق "ج" من أجل تنفيذ القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات.

2 - الوصول والحركة، وهذا يتمثل في تسهيل نقل البضائع بين غزة والضفة الغربية وتسهيل الصادرات ومراجعة قائمة الاستخدام المزدوج والتسهيلات على المعابر وتوسيع منطقة الصيد، والسماح بالتوسيع في تنفيذ مشاريع في مجالات الطاقة الشمسية وغيرها.

3 - الاستثمار في المناطق المعروفة بمناطق "ج" حيث توجد جميع مواردنا الطبيعية والتي يمكن أن تنتج ما لا يقل عن 4 مليار دولار أمريكي في السنة، مؤكدا ان هذا يمكننا من الاعتماد على أنفسنا وتقليل الاعتماد على الجهات المانحة.

وأوضح الحمد الله: "إننا نحتاج بشكل أساسي إلى الوصول إلى مواردنا من المياه والطاقة سواء في غزة والضفة الغربية، كما أن منطقة الأغوار هي سلة الغذاء لفلسطين، ويمكن أن تكون المناطق الصناعية مكانًا مهمًا لجذب المستثمرين ومصدرا لخلق فرص العمل". وأضاف: "أن على إسرائيل القيام بإجراءات عملية في هذا المجال، وكذلك مراجعة اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك من أجل تخفيف التكلفة الزائدة التي يتحملها التجار الفلسطينيون ومراجعة نظام الضرائب، وكذلك الرسوم التي يدفعها العمال والمسافرون الفلسطينيين".

واختتم الحمد الله كلمته بالقول: "إننا كحكومة فلسطينية نقوم بالتزاماتنا وجهودنا المتواصلة لبناء قدرات المؤسسات الفلسطينية، وتنفيذ الإصلاحات في القطاع العام، ودعم القطاع المصرفي، وأيضا المصادقة على التشريعات الضرورية لتطوير وطننا، وسنبقى ملتزمون بالعمل من أجل تحقيق السلام العادل وبناء الدولة المستقلة وتقديم الخدمات لمواطنينا بالتعاون مع شركائنا، فيما نواصل العمل من أجل الحرية وإنهاء الاحتلال لأرضنا".